شتمني مغرد لا أعرفه في «تويتر» دون أن أسيء له بشيء أو يكون بيننا أي حوار، فلفت انتباهي أنه يتخذ مقولة لأحد الصالحين حول الكلمة الطيبة وأثرها في تهذيب النفس شعارا لحسابه، بينما وجدت محتواه خليطا من التغريدات المتناقضة بين تغريدات الشتائم والتهجم على الآخرين وتغريدات كتبها أو أعاد تغريدها لأحاديث نبوية عن مكارم الأخلاق وأدعية لتقوى الله والحرص على عبادته ! حيرني تناقضه، كما حيرتني وما زالت تحيرني تناقضات العديد من أفراد المجتمع بين الإيجابية التي يدعون لها والسلبية التي يمارسونها، حتى بت أظن أننا مجتمع مصاب بانفصام في الشخصية ! مثل هذا الشخص انتقائي في اختيار الشخصية التي يتعامل بها مع الآخرين فيكون بذيئا شتاما مع من يتعارض مع أفكاره وآرائه ومهذبا لبقا مع من يتوافق معها، وكأن التعبير عن الرأي لا يكون مقنعا إلا بإظهار شخصية الدكتور «جيكل» مع الموافق وشخصية السيد «هايد» مع المخالف! وعادة يلجأ ضعيف الحجة والشخصية إلى إظهار الشراسة لتعويض ضعفه ويلجأ إلى الحدة في التعبير عن رأيه أو مواجهة آراء الآخرين، وكأن القوة تستمد من العدوانية فيحيط نفسه بغلاف وهمي يحتمي وراءه دون أن يدرك أن أدب الحوار وحسن الخطاب وتهذيب السلوك مصدر القوة الحقيقي ! وفي «تويتر» أتردد كثيرا قبل استخدام خاصية «الحظر» مع المسيئين ليس لأنني أؤمن بحرية التعبير المطلقة فالشتم ليس من حرية التعبير وإنما حتى أمنح المسيء فرصة طلب المغفرة عندما يستيقظ ضميره ولو بعد حين !