ما يحدث في لبنان هل يعد بأن تكون هي الدولة القادمة لفضاء الفوضى الخلاقة؟ هو سؤال يتماشى مع الواقع الذي نعيشه، إذ إن مخطط الشرق الأوسط الجديد يتم تنفيذ فقراته بواسطة الحركات الإسلامية الحركية وهي تظن أنها تخدم التدين بينما الهدف الذي تنفذه هو تفتيت وتمزيق الأمة إلى أشلاء متحاربة ومازالت في جعبة الحاوي الشيء الكثير من أدوات التفتيت التي ستصل إلى جعل الأخ يقتل أخاه (وإن كان حادثا جزءا من هذا الآن إلا أن التقويض الشامل سيظهر باقتتال أكبر طائفتين إسلاميتين لتكونا في مواجهة بعضهما البعض). وقد استطاعت هذه الفوضى بتسارعها أن تنتقل باهتماماتنا من رقعة إلى أخرى فما إن يبدأ الاهتمام برقعة حتى تنقل العدوى إلى رقعة جديدة. يحدث هذا والأفراد لاهون عما يحاك لأوطانهم وإن اهتموا انتقلوا إلى المدرجات كجمهور لا يهتم بما يحدث بالملعب بقدر اهتماماتهم بالأهازيج التي يرددونها أو الجمل التي تؤيد هذا ضد ذاك. وبالرغم من ثورة الاتصالات وما يصلنا من معلومات عما يحاك ضدنا إلا أن الكثيرين منا مختطف كمشارك في التصويب على أمته أو متعاطف مع من يصوب بندقيته على قلب هذه الأمة. والفوضى الخلاقة مصطلح سياسي ظهر في عام 2005 على لسان كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية يقصد به خلق فوضى متعمدة لإنتاج حالة سياسية مريحة وهو مصطلح ماسوني قديم تبنته أمريكا بعد غزوها للعراق مستهدفة العالم العربي تحديدا وهو ما عرف بمصطلح آخر وهو (الشرق الأوسط الجديد) وتم إلباسه لبوسا دينيا بعد أن تم تكييفه سياسيا بأن الخلاص من الوضع الراهن المستبد لا يتحقق إلا بظهور المهدي المنتظر، وظهوره يتحقق في ظل الفوضى بانعدام الأمن والنظام. وهي اللعبة التي ستلعب في آخر المطاف بجعل الأمة تتقاتل مذهبيا فيختلط الحابل بالنابل ولا يعد هناك ولاء إلا للمذهب ولتذهب الأوطان للجحيم (هل تتذكرون الجملة الشهيرة طز في مصر).. هذا هو القادم حرب تمزيق لكل انتماء وطني وركض خلف: أين أنت لقتلك؟ ومع أن بعض القادة العرب يرون ما تحدثه الفوضى الخلاقة من دمار في أي موقع تحل به إلا أن جسارة الخروج من دائرة الغرب لم تزل حاضرة بينما المؤشرات جميعها تشير إلى ضرورة الخروج إلى عقد تحالفات جديدة وقوية مع دول الشرق كالصين وروسيا والهند خاصة أن الزمن الذي مضى أثبت بأن المعوقات التنموية التي وقفت في وجه الدول العربية كان يقف خلفها الغرب لكي يبقي هذه الدول دولا ضعيفة أمام الابن المدلل (إسرائيل) لكي تظل هي القوة الضاربة في المنطقة.. وهذا ما تفعله الآن (جزئيا). ولأن الدمار يحث الخطى كإعصار علينا نحن في دول الخليج أن نتنبه بأننا مستهدفون لاستكمال الدائرة وهو ما يستوجب الحيطة والحذر ليس بتوقع الضربة بل بالضربات الاستباقية لكل من يريد حمل الوطن إلى جهة ما من التجاذبات أو التحريضات.