قد يكون اليوم عيدا أو غدا !! ومن عادة الناس في العيد أن يتبادلوا التهانئ الطيبة فيما بينهم، فهل يجرؤ أحد منا في هذا العيد أن يهنئ الآخر بعبارة (عيد سعيد)؟ أو كما قال الشاعر السوري عمر بهاء الدين الأميري: أعيد سعيد!! يالها من سعادة!! وأوطاننا فيها الشقاء يزمجر!! لكني مع ذلك سأهنئكم بالعيد، رغم أنكم تدرون وأنا أدري أن العيد في أيامنا هذه اعتاد أن يجيء منحورا بالألم، مفجوعا مثلنا بهول ما تغرق فيه أمتنا من مآسي!! فمن يستطيع أن يفرح بالعيد وموائده مكتظة برائحة الموت، وملاعب الأطفال مزروعة بقذائف الهلاك تتخاطف الضحكات البريئة لتحول العيد إلى وليمة للشر، وليمة يعربد فيها الشياطين فيمسخون بهجة الصغار بالعيد وركضهم الفرح وراء الزمامير الصاخبة والبالونات الملونة، إلى أنين ونشيج وألم. عذرا لكل المحتفلين بالعيد، إن لم يوجد في القلب ما يبهج بعد أن امتلأت كل الجوانح والحنايا بأسباب الحزن والشقاء. أهو يوم عيد!! أم مأتم نقيم فيه الحداد على غزة وأهل غزة، والشام وأهل الشام، والعراق وأهل العراق؟ وليبيا وأهل ليبيا، وعسى ألا يكون هناك من مزيد! أهو يوم عيد حقا!! إن العيد يعني الفرح ونحن نعيش الحزن والغضب والقهر، القهر للعجز الذي يطوقنا ويقيد أيدينا فما نستطيع فعل شيء سوى أن نبكي ونحزن. والغضب على أنفسنا وعجزها وضعفها حتى آل بها الحال إلى ما آل إليه. أهو يوم عيد!! إنه رمادي المحيا، لا إشراقة فيه، باهت الإطلالة كليل أظلم، تسقط فيه دموع المخذولين فيجففونها، وتسفك دماؤهم فيمسحونها، عيونهم معلقة بومضة شعاع، ولا شعاع!!