الاحتفاء بقدوم العيد في البادية والقرى له طابع خاص يميزه عن المدينة، يتجسد ذلك جليا من خلال ما يبدو من الأهالي من تمسك بالعادات والتقاليد التي بدأت تتوارى خجلا أمام نمط المتغيرات والحياة المتسارعة في المدن، حيث يمثل العيد مزيدا من التواصل بين أفراد القبائل المجاورة، وذلك عن طريق تبادل الزيارات والتهاني، وممارسة ألوان من التراث العربي الأصيل كسباق الخيل والرماية. وحول هذه المظاهر، يحكي لنا العم علي عبدالله السبيعي (90 عاما) جانبا من مظاهر رؤية هلال شهر شوال، قائلا: «قديما كان صعبا رؤية هلال شوال؛ لعدم توفر وسائل الاتصال، وكنا نعلن عن حلول العيد بإشعال النار في قمم الجبال العالية، فيشاهدها القريبون، ليشعلوها أيضا في قمم جبالهم ليتمكن الآخرون من رؤيتها، وهكذا حتى تصل أخبار الرؤية لعشرات الكيلو مترات، وتطورت الوسائل بإطلاق رصاص البنادق في الهواء، بأمر شيخ القبيلة أو كبير القوم». وبشأن ملابس العيد، أوضح العم عبدالله ناصر أبو صلعاء أن عدم توفر الأسواق كان يدفع أبناء البادية إلى شراء أقمشة قبل شهر رمضان، لتخيطها النساء بشكل جميل يسمى الثوب الحربي (أبو ذلايق)، ويرتديها الرجال قبل صلاة العيد مع العمة، التي تلف على الشماغ وتسمى (المعم)، والتحزم بالجنبية، ويلبس الصغار أجمل ما لديهم ليصلوا مع الكبار، بينما تقوم النساء بتجهيز بيت الشعر، وتخضيب كفوفهن بالحناء، وإعداد الفطور قبل صلاة الفجر، الذي كان يتكون من التمر، والإقط، والسمن، وحليب الإبل، في حين ترتدي المرأة ملابس مطرزة بالحرير تسمى المدرعة مع الحلي الفضية. ويضيف العم شافي محمد السبيعي جوانب أخرى من تلك العادات والتقاليد، لافتا إلى أن أبناء البادية يحرصون على على الذهاب بعد الصلاة مباشرة وعلى شكل مجموعات لزيارة شيخ القبيلة، وتناول الإفطار عنده، وهو عبارة عن ذبائح، ثم تتوالى الزيارات لجميع أفراد القبيلة حتى ثالث أيام العيد، مشيرا إلى ممارسة مسابقة الرماية (الشارة) بعد صلاة العصر، ومسابقة الخيول العربية الأصيلة، وترديدهم أثناء توجههم لميدان الرماية والسباق بعض القصائد التي تشير لفرحة العيد. وعن طفل القرية، يرى العم مشبب سعود السبيعي فارقا كبيرا عند المقارنة بأطفال المدينة، معتبرا أن العيد في القرية يعني للأطفال المزيد من التواصل مع الأقارب والجيران، بطوافهم على الحي للمعايدة والحصول على العيدية، التي تتمثل في بعض قطع الحلوى أو مبالغ نقدية، ومن ثم العودة لمنازلهم عند العصر، في حين ينصب تفكير طفل المدينة في رغبته للذهاب لمواقع الترفيه فقط.