في حادثة قتل جديدة نستكمل حلقات قتل الأطفال وما زالت البطولة في هذا المسلسل مسندة للخادمة الإثيوبية. فبالأمس تناقلت وسائل الإعلام مقتل الطفل محمد ذي الأربع سنوات على يد الخادمة المنزلية بطريقة بشعة تتساوى مع بشاعة الجرائم الماضية، إذ عثر على جثة الطفل داخل صندوق بعد أن وضعت عصا داخل شرجه وكأنها تستعيد احكام الخوازيق. وبهذه الجريمة يلحق محمد بأطفال سابقين قضوا نحبهم بطرق وحشية مختلفة وأجدني مع كل حادثة من هذا النوع أتساءل: لماذا توحشت الخادمات ولم يعد أمامهن من تعبير عن حالتهن النفسية إلا القتل، وقتل من، قتل أطفال أبرياء؟ فهل اقتران هذا القتل الوحشي بفئة بعينها له علاقة بثقافة ذلك العرق، وإن لم يكن كذلك لماذا القتل على أيدي هذه الفئة أكثر من غيرهم؟ ولماذا يكون القتل بطرق وحشية مبتكرة؟ إذ إن الضحايا السابقين من الأطفال قتل كل منهم بأسلوب وحشي بدائي يقترن بالأساليب القديمة في إزهاق أرواح الضحايا. فهل يأتي هذا القتل في سياق ثقافي يمارسه الفرد حين يمر بظرفية تتطابق مع موروثه؟ وهي أسئلة لا يمكن تأكيدها أو نفيها ما لم تكن هناك دلائل من خلال دراسة بحثية توضح العلاقة المفترضة ما بين القتل الوحشي وضحاياه من الأطفال. وأيا كان الباعث على القتل فإن الجرائم المختلفة التي وقعت على الأطفال أكدت جميعها على وعورة نفسية القاتلة، إذ كيف يمكن لامرأة أن تقدم على كل تلك الوحشية مهما حدث ومهما واجهت من تعنيف من قبل مستخدميها؟ وهو عنف لا يتسق مع النفس السوية مهما جابهت من ضغوط نفسية او معاملة سيئة (رغم أن جميع ذوي الضحايا أكدوا على حسن تعاملهم مع خادماتهم). ومآسينا مع الخادمات غدت من الطرق المغلقة بسبب استعصاء المجتمع ورفضه البات التخلى عن الخادمات، ولأن وجود الخادمة ارتبط بظرفية ما، كان لزاما استقدام العاملات وانساق الجميع لهذا الاستقدام من غير شروط في البدء ثم تنبهنا الى الضرر الذي يمكن ان يلحق بنا من الجانب الصحي فتم الاشتراط ان تكون العاملة خالية من الامراض المعدية بعد ان حدثت كوارث مرضية تم نقلها من تلك العمالة.. ومع ظهور الجرائم هنا وهناك لم تتنبه الجهات المعنية للجانب السلوكي والنفسي لتلك العمالة وكان يجب ان تخضع العمالة الى فحص نفسي قبل وصول العمالة الى البلاد.. وهو المقترح الذي ذكرته بعد اقتراف الخادمات للعديد من حوادث العنف على الاسرة او على أنفسهن بالانتحار أو رمي أنفسهن من الأدوار العليا. وأجدني أيضا أعيد مقترحا كتبته منذ اول حادثة قتل حدثت بأننا في حاجة ماسة إلى ادخال شرط السلامة النفسية لاستقدام الخادمة (او العاملة بصفة عامة) كاحتراز أولي ثم علينا التفكير الجدي بانشاء شركات تقدم الخدمة المنزلية بالساعة لكي لا يحدث للخادمة تفرد داخل البيت مع الاطفال وفي هذا حماية نفسية للخادمة إذ إن كثيرا من الخادمات تصاب بالامراض النفسية والهواجس بسبب عزلتها ووحدتها مما يجعل أي تعنيف يتضخم في داخلها ويتحول إلى عدوان على الاسرة باختيار الاضعف من أفراد الاسرة من اجل الانتقام. المهم أننا نعيش توجسا وخشية على أولادنا بينما لا تزال الجهات المعنية منشغلة في تثبيت الحقوق الواجب أن تحصل عليها الخادمة بينما هي نائمة عن الحقوق والواجبات التي يجب أن يحصل عليها مستخدم تلك العمالة.