القتلة البشعة لإحدى السيدات في محافظة ميسان على يد خادمتها الإثيوبية يعيدنا مرة أخرى لمشكلة اجتماعية حاولنا قفزها من غير أي حل إجرائي يحمي أسرنا من الغيلة، وبمقتل هذه السيدة سوف نتذكر في الحال قافلة الأطفال الذين رحلوا من الدنيا بطريقة وحشية مفرطة على يد الخادمات. وحين أقول مفرطة كون هذه الوحشية تكررت في مقتل أطفال سابقين فمثلا الطفلة (تالا) التي قتلت على يد الخادمة الإندونيسية وكانت حادثة القتل من البشاعة ما لا يحتمله إنسان، إذ وصفت الأخبار (حينذاك) تلك الجريمة بإقدام القاتلة على فصل رأس الطفلة عن جسدها بالساطور، وكذلك مقتل (إسراء) والأمس وأنا أقرأ مقتل السيدة في ميسان على يد خادمتها بضربها بالفأس على رأسها استشعرت بوحشية ووعورة نفسية القاتلة، إذ كيف يمكن لامرأة أن تقدم على كل هذه الوحشية مهما حدث ومهما واجهت من تعنيف من قبل مستخدميها . وهو عنف لا يتسق مع النفس السوية مهما جابهت من ضغوط نفسية أو معاملة سيئة، فما بالك وأنت تقرأ أن رب الأسرة ذكر بأن الخادمة لم تظهر عليها أي علامات تغير سلوكي كما أن الخادمة كانت على وشك المغادرة لاستكمال دراستها الجامعية بمعنى أن الإقدام على القتل ليس مرتبطا بالجهل. والسؤال المتأخر الذي يجب علينا أن نقف عليه، لماذا توحشت الخادمات ولم يعد أمامهن من تعبير عن حالتهن النفسية إلا القتل؟ ولنترك إجابة السؤال لكل فرد منا ليعطي إجابة لأسباب هذا العنف المفرط، ومآسينا مع الخادمات غدا من الطرق المغلقة بسبب استعصاء المجتمع ورفضه البات التخلي عن الخادمات، ولأن وجود الخادمة ارتبط بظرفية ما، كان لزاما استقدام العاملات وانساق الجميع لهذا الاستقدام من غير شروط في البدء ثم تنبهنا إلى الضرر الذي يمكن أن يلحق بنا من الجانب الصحي فتم الاشتراط أن تكون العاملة خالية من الأمراض المعدية بعد أن حدثت كوارث مرضية تم نقلها من تلك العمالة.. ومع ظهور الجرائم هنا وهناك لم تتنبه الجهات المعنية بالجانب السلوكي والنفسي لتلك العمالة وكان يجب أن تخضع العمالة إلى فحص نفسي قبل وصول العمالة إلى البلاد.. وهو المقترح الذي ذكرته (مرارا وها أنا أعيده) فبعد اقتراف الخادمات للعديد من حوادث العنف على الأسر أو على أنفسهن بالانتحار أو رمي ذواتهن من الأدوار العليا نكون أمام شخصيات مريضة نفسيا، وعليه فنحن بحاجة ماسة إلى إدخال شرط السلامة النفسية لاستقدام الخادمة (أو العاملة بصفة عامة) كاحتراز أولي ثم علينا التفكير الجدي بإنشاء شركات تقدم الخدمة المنزلية بالساعة لكي لا يحدث للخادمة تفرد داخل البيت مع الأطفال والسيدات وفي هذا حماية نفسية للخادمة، إذ أن كثيرا من الخادمات تصاب بالأمراض النفسية والهواجس بسبب عزلتها ووحدتها مما يجعل أي تعنيف يتضخم في داخلها ويتحول إلى عدوان على الأسرة باختيار الأضعف من أفراد الأسرة من أجل الانتقام. وبما أن وجود الخادمة غدا ضروريا وفكرة الاستغناء عنها غير واردة بتاتا فإن الحوادث التي تتكرر بصورة دائمة تستوجب إيجاد حلول تضمن سلامة الأسرة. وفي كل حوادث القتل السابقة كان القتل وحشيا والفقد عزيزا والحل غائبا.