من منطلق تعاطيها مع المشهد الأدبي، ترى مسؤولة الصالون الثقافي النسائي في أدبي جدة الروائية والكاتبة نبيلة حسني محجوب أن صورة الشباب في المشهد الثقافي لا تختلف عن صورته في الصالونات الثقافية، منتقدة في الوقت ذاته ما أسمته عدم انعقاد الدورات المتخصصة في فنون الأدب بشكل منتظم، وترى أن ذلك من مسببات عزوف وتراجع الشباب الموهوبين عن ارتياد النادي الأدبي. ودعت محجوب إلى أهمية فتح أبواب النادي على مدار اليوم لحوار دائم بين المثقفين والمبدعين الشباب. حدثينا عن رؤيتك للمشهد الثقافي كونك كاتبة ومسؤولة الصالون الثقافي في أدبي جدة تجاه احتضان مواهب الشباب الإبداعية؟ دعيني، بداية، أتحدث عن المشهد الثقافي بكامله، فهو يبدو مشحونا بزخم حي ونابض، لكنه في الواقع يشبه لوحة فنية سريالية عصية على الفهم، كذلك تنقص المشهد الثقافي بعض اللمسات المهمة، وهي ليست رتوشا، بل خطوط رئيسية غيابها يشوه المشهد ويجهض الأمل في اكتماله مستقبلا، المكتبات العامة ومكتبات الأحياء خطوط رئيسية في أي مشهد ثقافي عربي أو عالمي، الفعاليات الثقافية اليومية، حال الأندية الثقافية لدينا فعالياتها في المناسبات وبقية الأيام خالية حتى من أعضاء مجالس الإدارات، وبطبيعة الحال لا يجد أعضاء الجمعية العمومية أي مكان يستقبلهم في أي وقت من الأوقات إلا بدعوة من النادي لحضور فعالية، هذا خلل كبير تعاني منه الأندية الأدبية المنارة الثقافية الوحيدة في المدن الرئيسية. لدينا إنتاج أدبي غزير، وهذا نلاحظه من منصات توقيع الكتب في معرض الكتاب وهي ظاهرة غريبة؛ لأن المتعارف عليه أن توقيع الكتب للأدباء والمفكرين المشهورين، ماذا أفعل بتوقيع كاتب لا أعرف ما هي قيمة منتجه الفكري والأدبي، للأسف لا توجد روافد لدعم الإبداع، كل المسؤولية يتحملها المبدع، وقيمته تقاس بوعيه وقدرته على دعم موهبته بالقراءة والركض بين معارض الكتب لاقتناء كل مفيد. بالتأكيد، لدينا موهوبون، لكن بعضهم ربما لا يملك الوعي باحتياجات الإبداع ولا القدرة على اختيار أو اقتناء القيم من الكتب، أما بالنسبة للصالون الثقافي في أدبي جدة تجاه احتضان مواهب الشباب الإبداعية، فأقول: ابحثي في المشهد الثقافي، عن صورة الشباب وهي نفس الصورة في الصالونات الثقافية، هناك فجوة بين جيل تربى على الكتاب والقراءة المتنوعة العميقة، وجيل تربى على كل ما هو سريع وهش ومجتزأ ربما لذلك يهربون. بيت حقيقي يتردد أن الصالونات الثقافية لم تستطع جذب الشباب المبدعين، هل ترين أن السبب يعود لضعف التسويق عن البرامج؟ هناك فرق بين برامج النادي الأدبي وبين الصالون الثقافي، وهو برنامج واحد من برامج كثيرة، بعضها موجه للشباب، دورات متخصصة في الشعر والرواية والقصة القصيرة والمقالة الصحفية لمدة أيام لكل دورة، لكنها ليست بانتظام واستمرار، لكن المهم أن يفتح النادي طول اليوم وتهيأ المكتبة والكفتيريا وتجهز صوالين مفتوحة يلتقي فيها الشباب بالكتاب والأدباء. عندما يتحول المبنى إلى بيت حقيقي للأدباء والمثقفين أعتقد أن الشباب سيعرف طريقه إلى الأندية الأدبية، لكنها مقفلة طوال اليوم. الإغلاق غير ممكن ماذا ينقص الصالونات الثقافية في ظل تعدد وسائل الكتابة على مواقع التواصل والمدونات؟ الصالونات الثقافية تؤسس لوعي معرفي بالمنتج الثقافي والأدبي والتاريخي والفكري وبالقضايا الآنية من خلال الطرح والمناقشة الحية بين الحضور والمتحدثين، وهي بالإضافة لهذا الوعي الذي تؤسسه توثق العلاقات الإنسانية بين مرتادي الصالونات الثقافية، وهذا ما تعجز عنه قنوات التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية؛ لأنها تكرس الفردية وتستنفد الوقت إذا لم يحسن الفرد التعامل معها بوعي، لا يمكن إلغاء الصالونات الثقافية والاكتفاء بوسائل التواصل والمدونات، فكل منها له دوره وله مرتادوه. إذن، ما هي وجهة الصالون الثقافي لاحتضان المواهب ورعايتها ضمن خطة فعاليات الصيف الأدبية؟ للأسف، بالنسبة للصالون الثقافي النسائي يغلق في الصيف، لكن لدينا حاليا أمسية رمضانية تشارك فيها الشابات بالحضور والتطوع للعمل مع لجنة الصالون؛ لإثراء النقاش الأدبي وتبادل الخبرات في مجال فنون الكتابة الأدبية.