في حوار صحفي سألني الصحفي سؤالاً كان الدافع لكتابة مقال اليوم - ويدور سؤاله حول رسالة الأندية الأدبية وهل مازالت تمثل الواجهة المناسبة لاحتواء المبدعين؟! وما الرّد على من يقول: بأن الأندية الأدبية لم تعد تمثل الحضن المناسب للمبدع ..ثم ماذا فعلنا في أدبي جدة لنثبت العكس ؟ وفي الواقع إن السؤال بكل ما يحمله من فضول واتهام كان فرصة للحديث عن التجربة الثرية التي خاضها وما يزال مجلس إدارة النادي بقيادة رئيسه الأستاذ الدكتور عبدالله بن عويقل السلمي وعضوية عدد من الزملاء والزميلات المختارين بعناية وهم يشكلون أول مجلس إدارة منتخب في تجربة انتخابية حققت من خلالها وزارة الثقافة والإعلام بقيادة وزيرها الشاعر عبد العزيز خوجة سبق خوض التجربة الانتخابية وأدواتها الديمقراطية بكل تبعاتها التي تعرّضت جرّائها إلى العديد من الانتقادات بله الاتهامات.. ومجلس إدارة أدبي جدة يبدو في غمار حماسه للتجديد والتطوير قد حملّ نفسه أعباءً إضافية وجهداً كان يمكنه تجاوزه بالأداء التقليدي الذي لا يشكل فرقاً في آليات العمل الثقافي السائد قبله وخلال فترته.. فالمشهد الثقافي والمتصيدون في ساحته قد اعتادوا على رتم وإيقاع تقليديين ليحكموا على تجارب النجاح والفشل من خلال جانب وحيد في الحضور البرامجي ألا وهو الفعاليات والمناشط لأسماء بعينها فيما يطلق عليه أنشطة النخبة ولا يرون غيرها .. ومجلس النادي يُقدّر ذلك ويحترمه ويحرص عليه لكنه في ذات الوقت أراد أن يخرج من عباءة النخب إلى فضاء الجماهير ويبحث عن أدوات جديدة تلقي حجراً في مياه المشهد الثقافي وتُحدث الحراك في رواكده فبقدر ما حرص المجلس على حضور القمم السامقة في أروقة مبناه اتجّه إلى العديد من الخطوات والبرامج التي من شأنها تشجيع الشباب والفتيات الذين كانوا يشعرون بالخوف والرهبة من ارتياد قاعات النادي ويظنون أنها حكراً على النخبة فقط ولذلك اتجه النادي إلى عدد من المشروعات ليبني من خلالها جسوراً للتواصل مع مؤسسات المجتمع المدني في القطاع العام والخاص متجاوزاً حدود النادي وتقليدية أساليبه فوّقع العديد من الشراكات مع جامعة الملك عبدالعزيز والمجلس البلدي والتربية والتعليم والإذاعة ومجالس الأحياء بغية الانتقال إلى مقار الشباب والفتيات والبحث عن المواهب وتشجيعها وتنمية مواهبها وتطوير قدراتها. كا وقّع العديد من الشراكات مع القطاع الخاص في برنامج ومشروع ( جليس )الذي يعنى بالقراءة وتشجيعها وتنمية القدرات ودورات تطوير الذات للشباب بالتعاون مع مؤسسة حسن عباس شربتلي الرائدة في خدمة المجتمع والتي قدمت وما تزال لأدبي جدة دعماً سخياً.. مروراً بمبادرة عبداللطيف جميل للإصدار الأول التي حاول النادي وما يزال من خلالها اكتشاف المبدعين المؤلفين في كافة المجالات والمفاضلة بين المتقدمين عن طريق لجنة التحكيم ..وتُعنى المبادرة بدعم الموهوبين وطباعة إصدارتهم - وهو الحلم الذي كان وما يزال يراود أكثر الشباب والفتيات- ومتابعة واحتواء إبداعاتهم وصقل مواهبهم والمبادرة تحقق نفعاً في عدد من المجالات في الشعر والقصة القصيرة والبحث العلمي في مجال الثقافة الإسلامية والأدب والنقد والمدّونات..ولاشك أن رعاية معالي وزير الثقافة والإعلام لتكريم الفائزين فيها يؤكد دعم الوزارة وتشجيعها لمثل هذه البرامج التي تدعم الشباب.وإن عقد الشراكات بصفة عامة مع المؤسسات الثقافية والتعليمية وكذلك رجال الأعمال يعود بالنفع – دون شك –في تنشيط الحراك الثقافي في الوطن وتوثيق الصلة بكبار المبدعين في مجالاتهم مع إتاحة الفرصة للتعامل مع المشهد الثقافي أخذاً وعطاءً. فضلاً عن مواصلة النادي في الشراكة مع رجال أعمال في القطاع الخاص ومنهم الأديب الأستاذ أحمد محمد باديب الذي يدعم جائزة محمد حسن عواد للإبداع التي تُعنى بالشعر والدراسات الأدبية والنقدية والقصة لتكرّم المبدعين في كافة المجالات وتحقق حراكاً ثقافيا مشهوداً بالإضافة إلى جائزة شاعر شباب جدة التي يرعاها ويدعمها الأديب الأستاذ أحمد حسن فتيحي وهي جائزة تمنح سنوياً للشعراء الشباب وترعى مواهبهم.. ومن خلال تجارب مجلس إدارة أدبي جدة مع برامج التجديد في أنشطة النادي تستطيع أن ترى أروقة النادي في مكتبته المركزية أو قاعته الرئيسة تعجّ كلها بالشباب والفتيات في المواقع المخصصة لهن في لقاءات دورات تدريبية تثقيفية وتكشف في مقارنة سريعة الفرق في الحضور والعدد ما بين بعض فعاليات النخبة وبرامج تنمية مواهب الشباب. وإلى جانب ما سبق فإن النادي فتح أبوابه ومرافقه للبرامج المتخصصة فكانت هناك الحلقة النقدية التي تّعد بحق نواة المدرسة النقدية في جدة والتي لها تاريخها المعروف وقد استطاع المجلس الحالي إعادة أعضائها إلى أحضان النادي وقدّموا وما يزالون بحوثاً ثرية في مادة النقد ليتها تعمم على الجميع للإفادة منها إلى جانب مجموعة عبقرية والتي تضم المهتمين بالشعر وكذلك الصالون الثقافي النسائي بحضوره المتميز. حتى الصيف الذي تقفل أكثر الأندية الأدبية أبوابها فيه فتح أدبي جدة أبوابه وما يزال ليتحمل أعضاؤه جهد الحضور والإشراف والمتابعة للبرامج الصيفية ومنها السائح المثقف وبرنامج جليس فضلاً عن المسرحيات والبرامج الشبابية الأخرى.. إنها خلية نحل عاملة لا تتوقف يضطلّع مجلس إدارة أدبي جدة في تنشيطها بالعديد من المسؤوليات والمهام التي تكلّف ميزانية النادي بل أسهمت في تغطية جانب من مصاريف الصيانة والخدمات التي ترهقه صعوداً في ظل تساوي المبالغ المخصصة للدعم السنوي بين النوادي الصغيرة في المناطق الصغيرة وبين نوادي المدن الرئيسة الكبيرة. [email protected]