لطالما سعى اليمين المتطرف في إسرائيل، لفرض هيمنته على كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك قطاع غزة. ويبدو أن تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وإعلان حركة المقاومة موافقتها على ما تطرحه السلطة الفلسطينية في مفاوضات السلام، خطوة لم تتوقعها إسرائيل، ولم تستسغها حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، ولهذا رأت الحكومة الإسرائيلية اليمينية أن الضربة العسكرية هي الحل الوحيد لإنهاء الوفاق الفلسطيني، وكانت تبحث عن الذرائع لتنفيذ خطتها فوجدت في حادثة اختطاف الإسرائيليين الثلاثة مبررا لعدوانها على غزة، وهو العدوان الذي لم يحرك المجتمع الدولي خاصة الغربي رغم الأصوات العربية المرتفعة المطالبة بوقف الهجوم الإسرائيلي، بل هناك أطراف غربية هللت لهذا التصعيد الخطير واعتبرته دفاعا عن المواطنين الإسرائيليين وعن الحدود الإسرائيلية. الضمير الغربي لم توقظه دماء الأطفال الذين حصدتهم الآلة الإسرائيلية ولم تحركه مشاهدة الأجساد الممزقة والمدفونة تحت ركام المنازل المحطمة جراء القصف الإسرائيلي. بالمقابل، اهتزت قلوبهم رأفة لسماع صفارات الإنذار في المدن الإسرائيلية، مطالبين المنظمات والحكومات بالوقوف إلى جانب الجلاد وغض البصر عن الضحية. وإزاء التصعيد الإسرائيلي الخطير في قطاع عزة، انقسم الرأي الغربي بين مؤيد ومشجع وبين متحفظ ومكتف بتنبيه إسرائيل لعدم قصف التجمعات المدنية. وسقط الإعلام الغربي (المهني!!) في خطيئة مخالفة الحقيقة حين ركز على أن ما تقوم به إسرائيل هو «حق مشروع» لأن الطرفين متكافئان في القوة، وأن إسرائيل تسعى لتصوير الوضع على أنه حرب ضد إرهاب يهددها، في حين أن كل الأهداف التي قصفتها كانت مدنية والضحايا أغلبهم من المدنيين العزل. ولأن الإعلام الغربي ساهم في نقل صورة إسرائيل «المظلومة»، فقد سارعت الكثير من القنوات والصحف المكتوبة لتغطية الحدث على أنه تعد على شعب مسالم من قبل «جماعة إرهابية». ولم تكتف بذلك، بل باركت الاجتياح البري الذي تحضر له إسرائيل، واعتبرته حتمية للدفاع عن نفسها ومحاولة «تدمير الإرهاب» الذي يهددها كما أشارت جريدة (وقت جنيف) السويسرية. وقال مختص في شؤون الشرق الأوسط من معهد إدارة الأزمات الدولية أوفر زالزبيرغ، لجريدة لوموند الفرنسية، إن هناك عوامل أدت إلى تصعيد هذا الهجوم العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وهو الردع ضد الارهاب. وأضاف: إن ضرب غزة يبين أن الإسرائيليين مستعدون لمواجهة الإرهاب وأن الاجتياح البري لغزة يشكل تهديدا حقيقيا لحركة حماس وقياداتها العسكرية والسياسية. واعتبرت الصحافة والإعلام الغربي، أن شن هجوم بري واسع النطاق على قطاع غزة هو الحل الأمثل للقضاء على «الإرهاب». وحين ندد بان كي مون بالهجوم على غزة واستهداف المدنيين العزل، وجهت الصحافة الغربية سهامها تجاهه، معتبرة أن ما يحدث في قطاع غزة هو رد على هجوم الصواريخ القادمة منها.