فن الحرب لا يقتصر على تحقيق النصر بل التقليل من الخسائر وتفادي الهزيمة وأكبر انتصار للمحاربين هو الانتصار قبل الاقتتال إن كان ممكنا، والدول دائما «تحسبها صح» توازن ما بين مجابهة الحرب وبين الخسائر المتوقعة من جنود ومواطنين وخسائر عينية ومادية فتتفادى مجابهة العدو بأكثر من طريقة. وطريقة بشار الأسد لبقائه في الحكم أعطت مالكي العراق درسا سيبقيه سنينا في الحكم لا بأس بها فقد اتخذ الأسد طريقة التقرب غير المباشر وهي إستراتيجية عسكرية لقلب ميزان القوى قبل الدخول في المعركة الكبرى. ونظرية التقرب غير المباشر هي التقدم نحو العدو من اتجاهات غير متوقعة وتغيير تلك الاتجاهات بحيث ينصرف تفكير العدو عن أهدافه الحقيقية وغير خالية من القتال بل تمزج في القتال بين مجموعة من التظاهرات والمراوغات والعمليات ضد مواصلات وشؤون العدو الإدارية وغيرها فالهدف من هذه الإستراتيجية هو تفكيك العدو وتفتيته قبل الإجهاز عليه وإعطاؤه إحساس الفريسة المطاردة. ومن ميزات إستراتيجية التقرب غير المباشر التي استخدمها الأسد هي جعل الخصم في حالة انتظار الحلول بوسائط غير عسكرية لأنها لا تسعى لإحراز النصر العسكري بالسلاح بل بطرق عديدة غير السلاح لذلك نرى حكومة الجيش الحر في دوران مستمر على الدول الصديقة وغير الصديقة لحل دبلوماسي وهكذا ابتدأ المالكي، ثم أسلوب حرب العصابات كما أدخل الأسد المتطرفين داخل سوريا لتعم الفوضى ويكثر الخصم وهذا الأسلوب يقوم على استقطاب مشاعر الولاء لبعض الفئات في أوساط المدنيين المختلفة بمختلف وسائل الإغراء والترهيب والإقناع أو إدخال عصابات إلى البلاد بأهداف وهمية فتأخذ مزايا دعائية كبيرة منها الادعاء بأن هذه الجماعات تحارب دفاعا عن الحرية أو الاستقلال أو العدالة أو الإسلام أو المذهب السني السلفي كما يدعون في سوريا ومدهم بالسلاح حتى تكتسب مستوى أكثر من العنف والقوة، وبالمحصلة ينتج عنها تشتيت وإرباك لدى العدو العسكري والمواطن البسيط لأنها تدخله في دائرة الصراع المذهبي والفكري فيعوم في نقاشات تؤدي إلى اهتزاز مطالباته بالحرية فتعمل على استسلامه وانهيار قواه. ويمشي المالكي على خطى الأسد فيدمر البلاد ولا يبقي على حجر أو بشر، وتهجر الملايين من البشر ويقطع الأخضر واليابس، والمهم حرب الكر والفر حرب ألا إنسانية، حرب الكراسي والبقاء في الحكم.