عندما نقول إن الإرهاب لا دين له، فإننا نؤكد الحقيقة المهمة التي يحاول كثيرون تجاهلها أو التعامي عنها عن قصد خبيث، ذلك أن قيم أي دين، أو حتى عقيدة وضعية، لا تجيز أبدا انتهاك الحرمات، وسفك الدماء، وترويع الآمنين.. فما بالنا إذا كانت مثل هذه الجرائم، التي يرتكبها إرهابيو تنظيم القاعدة، وتكفيريوه، تحدث في الأيام الحرام، في الشهر الحرام.. وفي يوم جمعة، أفضل الأيام عند الله. جريمة شرورة، بجنوب البلاد، التي وقعت الجمعة الماضية، عندما دخل إرهابيون عبر منفذ الوديعة، مع اليمن، مستغلين انشغال الجنود بصلاة الجمعة، وقتلوا جنديا بريئا، واستولوا على سيارته، وتمكن اثنان منهم من اقتحام مبنى استقبال إدارة المباحث، بالمدينة، وتفجير نفسيهما بحزام ناسف، تعيدنا إلى مأساة «التفكير» الذي يتحول إلى «التكفير»، ويتطور إلى «التفجير» في إشكالية أظن أنها لا تزال تحتاج لمراجعات عديدة، خاصة أن جريمة كتلك، تعيد تسليط الأضواء، إلى المحنة التي عشناها بمواجهة الإرهاب وخفافيشه، خلال العقود الثلاثة الأخيرة تحديدا. جريمة شرورة، التي راح ضحيتها 4 من رجال الأمن، ذهبوا شهداء إلى ربهم، فيما أصيب تسعة من أبنائنا، لا أعتقد أنه من قبيل الصدفة، أن تتزامن مع الذكرى الخامسة، للمحاولة الفاشلة لاغتيال وزير الداخلية، الأمير محمد بن نايف، عندما كان مساعدا للوزير للشؤون الأمنية، بعد أن ادعى الإرهابي عبد الله عسيري، التوبة، وأظهر عزمه العودة من اليمن للمملكة، وحين استقبله الأمير محمد بن نايف في قصره بجدة، فجر الإرهابي، عبوة كانت مزروعة في أحشائه، ليلقى حتفه، بينما أنقذت العناية الإلهية الأمير محمد بن نايف. مثل هذا السلوك الخسيس، هو ذات السلوك الدنيء، الذي يقتحم على مصلين صلاة الجمعة، وينتهك، ويقتل، ثم يفجر نفسه، ومتى؟ في شهر رمضان المبارك، والناس صيام.. فما الذي تبقى إذن أمام الإجرام والإرهاب، ليقنع أي معتوه، بأن له قضية.. أي قضية؟ لا شيء بالتأكيد، سوى إظهار الإفلاس التام، والعجز عن النيل من إرادة الشعب السعودي، الذي تصدى لكل خفافيش الظلام، وتخندق مع قيادته وأجهزة أمنه.. وسيبقى في خندق المواجهة، صلبا وشجاعا حتى تندحر عصابات الإفك والضلال. لا شيء بالتأكيد، سوى إدراك هذه الشياطين، بأنها ستبقى شياطين، كتب عليها الله، العذاب والخسران المبين. ورحم الله شهداء الوطن، وأسكنهم فسيح جناته.