هم على علم واطلاع بما كتب ويكتب ويقال عما يتعلق بشهر رمضان المبارك، ولا أعني هنا فقط ما كتب ويكتب عن فضل وخصائص وروحانية هذا الشهر الكريم، ولا عن كونه شهر القرآن الكريم والرحمة والمغفرة والعتق من النار، وأنه من أهم فرص تنقية النفس وتشذيبها، من كل ما قد يكون علق بها، أو تغلغل في أعماقها من شوائب الدنيا ومغرياتها ومغباتها، وأن هذه الفرصة الدينية العظيمة خص بها الله هذا الشهر الفضيل عن سائر الشهور، وأن السعيد من عباد الله من من عليه ببلوغ هذا الشهر المبارك، فحرص بكل ما في وسعه على إحياء لياليه وأيامه بما أوجبه الله عليه من عبادة. وما حثت عليه تعاليم الدين من سبل الطاعة والخير والتقرب إلى الله بكل ما يبتغى به رضاه وتوفيقه للظفر بما في هذا الشهر من عظيم الثواب والجزاء. أبدا، لا أعني فقط علم واطلاع «هؤلاء» على ما ذكرته آنفا؛ ذلك لأنهم فوق تزودهم به خلال مراحل تعليمهم وتعلمهم، قد نجد من بينهم من تفقه في كثير من أمور هذا الدين الإسلامي العظيم. بقدر ما أعني تحديدا ما يكتب ويقال من قبل الغيورين على حرمة وروحانية هذا الشهر الكريم، وما يمارس في حقه من توظيف آثم واستغلال ممقوت يتنافى مع ما ينبغي لقداسة وخصوصية شهر القرآن والعبادة والإيمان، وإلا ماذا يعني تحويله من أهم موسم للعبادة والطاعة والسكينة وتغليب الدين على الدنيا الفانية إلى شهر لتسويق مسلسلات الهزل والابتذال، ومسابقات فجة لا تقتصر على تغليب «الغثاء» والرقص و....، فحسب بل أيضا على تغييب وعبث وقصور مدقع بأدنى أبجديات قواعد اللغة العربية. شهر واحد خصه الله كخير الشهور، وخص بفضله عباده المسلمين، وأودع فيه أعظم مغانم الفوز والنجاة في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، استعصى على «هؤلاء» من ملاك قنوات فضائية يضاعف من الأسى أنها منسوبة لهذه البلاد المقدسة، ومنتجين وممثلين ومقدمين من هنا.. استعصى على «هؤلاء» تجنيبه من كل ما يغرس ويكرس في نفوس النشء والشباب من أبنائنا اللهو والسهر على حساب ما يستوجبه هذا الشهر الفضيل، بل حتى عن أداء الصلاة المفروضة في أوقاتها. شهر واحد عز عليكم تجنيبه من نهمكم المسعور لمضاعفة ثرائكم الدنيوي البخس مهما علا والزائل مهما دام. هل يشك أي منكم إن هو جنب هذا الشهر من تسويق هذه البضاعة الخادشة، لن يعوضه الله بما هو خير وأبقى من مكاسب لا تساوي شيئا أمام جعل رمضان حجة عليك لا لك، أم أنه «الخذلان»؟.. والله من وراء القصد.. تأمل: من سر بالدنيا، نزع خوف الآخرة من قلبه.