من الغباء المفرط، أو قل من الاستغباء المطلق، أن يُطلب من رئيس وزراء العراق، الطائفي نوري المالكي، أن يشكل حكومة وحدة وطنية تنقذ العراق من مغبة الدماء والتقاتل بين الفرقاء هناك. المالكي صانع (التفرقة) لا يمكن أن يصنع وحدة وليس بمقدوره أن يوحد العراقيين، لأن ذلك يتعارض أصلا مع وظيفته الإيرانية ويُغضب رؤساءه في طهران. وهذا واضح جدا من خلال ممارساته السابقة إبان ولايتيه السابقتين ويتضح الآن حين لجأ فورا إلى تصعيد تقاتل أبناء العراق على الهوية ليقترب بالبلد أكثر إلى حالة التقسيم المتوقعة. لا أمل في آية الله نوري المالكي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يُعول عليه في لملمة شعث العراقيين في شمالهم أوجنوبهم أوفي أية بقعة يصلها قراره المقيد بالرضا والمباركة الإيرانية. وهو الآن في ظل هذا التقييد وهذه المباركة لا يفصل بين مواقف السنة المنتفضين في المحافظات المنتفضة ومواجهة المتطرفين الذين يستغل وجودهم ليقضي على الأمل الباقي لدى المكون السني ويجهز على ما تبقى من أمل في المحافظة على عروبة العراق. بمقدور المالكي، لو أنه يملك قراره، أو يعنيه العراق العربي ووحدته وقوته، أن يجمع كل أطياف وأعراق العراقيين ليحاربوا هذا التطرف الذي داهمهم واستباح أرضهم ومقدراتهم. لكن ما أصبح مؤكدا أنه قد أودع قراره، بل أودع روحه وعراقه الخاص في الدرج الفارسي المتربص بهوية العرب أجمعين. وهو في هذه الحالة يصر على جر المنطقة برمتها إلى حفر طائفية كبرى لن يُستثنى منها أحد ولن ينتصر فيها أحد غير أعداء العرب ومن يدورون في فلك مصالحهم وتمددهم على حساب الوجود والأرض العربية، التي ابتليت بالمتآمرين والخونة الذين يعملون ضد مصلحة شعوبهم واستقرار بلدانهم. وإلى أن تنتصر حكمة العراقيين كلهم على أجندة المالكي والإيرانيين، سيظل سيف الشر يقطع في أوصالهم وأوصال بلدهم ومصيرهم المشترك، بينما يتغنى (الطائفيون المكابرون) بإنجازات المالكي وآثاره الكبرى على الواقع العراقي، الذي لم يعرف حالة أسوأ من حالته اليوم، حتى في أيام صدام حسين الذي قيل إنه يقتل أعداءه. وهناك، بطبيعة الحال، فرق بين أن تقتل أعداءك وأن تقتل شعبك.!!