بعد 8 سنوات عجاف تولى فيها نوري الملكي منصب رئيس وزراء العراق، بدأت مختلف القوى الوطنية العراقية من سنة وشيعة وأكراد، إدراك صحة الموقف السعودي الرافض لأي تعاون مع نوري المالكي، باعتباره طائفيًّا بامتياز، وعميلا لطهران. ويجلس المالكي في منصبه لخدمة أهدافها فقط، لا لخدمة العراق وعلاقاته العربية، فيما يُعد انتصارًا للرؤية السعودية التي كشفت الرجل وتوجهاته منذ بداية ظهوره على الساحة السياسية العراقية. وشهدت سنوات حكم المالكي الثمان تنازلات من مختلف القوى العراقية، حيث تحالفت معه قوى سنية وكردية وشيعية بطبيعة الحال، ظنًّا منها أنها ستخرج بأي مكاسب من العمل مع رئيس الوزراء العراقي، لكن الحقيقة التي اتضحت للجميع في النهاية أن المالكي لا يعمل إلا لصالح طهران فقط، بل ويستهدف أبناء طائفته الشيعية إن اتخذوا مواقف تعارض مصالح إيران. وباسترجاع سريع لرأي المملكة في نوري المالكي، نجد أنها تراه عدوانيًّا غير مسؤول يقود سياسات محكوم عليها بالفشل في العراق، كما وصفته المملكة بأنه يضع بلاده تحت خدمة أطراف طائفية تزيد من إذكاء الفتنة الطائفية في العراق، كما شددت المملكة أكثر من مرة على أن سياسات المالكي تهدد وحدة العراق "الوطنية والترابية". والآن وفي خضم محاولات المالكي الحصول على دعم لتجديد ولاية ثالثة له لرئاسة وزراء العراق، بدأت الأصوات العراقية تخرج صارخة بطائفيته، ومهددة بتقسيم البلاد حال استمراره في منصبه، مؤكدة صدق موقف المملكة وبعد نظرها، وأن رفضها للمالكي كان نابعًا من خوف على مستقبل العراق والعراقيين ولا شيء غير ذلك. فمن الجانب السني وجهت 70 شخصية عراقية رسالة عن طريق الأمين العام لهيئة علماء المسلمين حارث الضاري إلى وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ومسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد كاثرين أشتون، مطالبين بوقف تزويد نظام المالكي بأسلحة يستخدمها في قتل المدنيين. وقالت الرسالة، إن نظام المالكي أقرب إلى المافيات منه إلى نظام الدولة، وإن أهالي المحافظات الست المنتفضة اضطروا إلى الرد المسلح على استهدافهم عسكريًّا من قبل ما وصفه نظامًا طائفيًّا فاسدًا مواليًا لإيران، وإن المالكي ينفذ مخططًا إيرانيًّا لإخضاع غالبية الشعب العراقي الرافض للهيمنة الإيرانية. كما أن رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي أبلغ المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، في رسالة خطية، رفضه ولاية ثالثة للمالكي، ودعاه للتدخل في اختيار رئيس الحكومة المقبلة. وطالب النجيفي السيستاني "بالتدخل لاختيار شخصية رئيس الوزراء المقبل وفق المصلحة العليا للبلاد"، مبينًا أن "متحدين (ائتلاف النجيفي السني) يرفض مبدأ الولاية الثالثة لأي شخصية كانت، سيما من تحاول القفز على الديمقراطية". ومن الجانب الكردي، أعلن رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، قبل أيام، أنه لن يشارك في حكومة يرأسها المالكي مجددًا، ويمتلك بارزاني وباقي الأحزاب الكردية 62 مقعدًا في البرلمان يبدو أنها ستكون موّحدة في التفاوض مع السنة والشيعة لتشكيل الحكومة. كما حذر رئيس حكومة إقليم كردستان العراق، نجيرفان بارزاني، من أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي سيقسم العراق بقراراته وممارساته المنفردة، وذلك في مؤتمر صحفي الأربعاء الماضي. أما شيعيًّا، فقد أجمع الشيعة -متدينين وعلمانيين- على رفض استمرار نوري المالكي رئيسًا للوزراء، حيث أعلن التيار الصدري الممثل في كتلة الأحرار والذي يتزعمه مقتدى الصدر رسميًّا عدم قبوله بقاء المالكي في الحكم، كما أن ائتلاف «المواطن» بقيادة عمار الحكيم يرفض بقاء المالكي. أما ائتلاف الوطنية الذي يرأسه الشيعي العلماني إياد علاوي والذي يعد خصمًا عنيدًا للمالكي فأعلن أيضًا رفضه استمرار المالكي لولاية ثالثة.