حين يطل هلال شهر رمضان، وترتبط الأفئدة بالحرم المكي الشريف وصلاة التراويح والقيام، تعود الذاكرة صوب عقدين من الزمن مضت، حيث تحن الأذن لصوت مبكي الملايين الشيخ الفقيد عبدالله بن محمد الخليفي الذي فتح عينيه في مدينة البكيرية عام 1333ه ونشأ نشأة دينية حيث كان والده حريصا عليه فأتم حفظ القرآن الكريم على يدي والده وعمره لم يتجاوز ال15 عاما.. وتلقى عليه كذلك مبادئ التوحيد والحديث وبعض المسائل الفقهية.. ثم بدأت علاقته بالإمامة في المسجد التحتي بالبكيرية وهو أول مسجد في المدينة في ذلك الوقت ثم أصبح إماما للتراويح والقيام في مسجد المدينة وهو مسجد يقع في إحدى المزارع، وبعد أن انتهى من طلب العلم على المشايخ ذاع صيته بين أبناء المنطقة فذكر ذلك بعض المقربين للأمير فيصل بن عبدالعزيز -رحمه الله- فأمر باستدعائه للصلاة معه كإمام خاص به في مدينة الطائف وكان ذلك حوالي سنة 1365ه واستمر إماما عنده لمدة سنتين.. وعندما ذاع صيته أعجب به الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ -رحمه الله- فطلبه ليكون إماما مساعدا للشيخ عبدالظاهر أبو السمح -رحمه الله- في المسجد الحرام فكان له ما طلب، حيث انتقل إلى المسجد الحرام إماما مساعدا للشيخ عبدالظاهر أبو السمح، واستمر في ذلك إلى أن توفي الشيخ أبو السمح وأصبح الخليفي إماما رسميا للمسجد الحرام عام 1373ه وهكذا قضى في إمامة المسجد الحرام ما يربو على 40 عاما.. وكان الشيخ الخليفي رجلا متواضعا لين الجانب له هيبة ووقار، تميز بحسن صوته وجهوريته عطوفاً رفيقاً لا يحتمل أن يرى الدموع خصوصاً دمعة اليتيم والمريض والعاجز ومع هذا كان حازماً فيما يتعلق بأمور الدين وبعض المواقف التربوية التي يحرص عليها، فقد كان يمتاز بصراحته المعهودة، ولا يخفى على من صلى خلف الشيخ الخليفي -رحمه الله- مراعاته لظروف المصلين في عدم التطويل، إضافة إلى خطبه التي كانت تعالج الأمور الوقتية وتتسم بالسلاسة وعدم الإطالة ويتميز بالخشوع في الصلاة عند تلاوته للقرآن وعند الدعاء والابتهال إلى الله حتى أطلقوا عليه مبكي الملايين، وعُرف -رحمه الله- بالكرم وحب الخير ومساعدة الناس وفي موسم الحج يقيم مخيما في منى على حسابه لمن أراد الحج حتى انتهاء الفريضة.