أيام قليلة عشتها في القاهرة، تزامنت مع «صدفة جميلة» كما يقول أشقاؤنا المصريون، تمثلت في الزيارة السريعة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لمصر الجمعة الماضية، ولقائه بالرئيس عبدالفتاح السيسي. لأول مرة، أحس بأن ثمة شيئا مختلفا، لم تكن تلك مجرد حفاوة لقائدنا ورمزنا، ولم تكن تلك مجرد انطباعات عابرة، ولكنها كانت تعبيرا عن مكنون ومضمون علاقة تاريخية، تربط ما بين الرياضوالقاهرة، رغم تقلبات سياسية متعددة، لكن الجوهر لا يخرج أبدا عن حقيقة المسار الأزلي. لم يكن كثير من أشقائنا المصريين، في حاجة لبذل جهد كبير، ليكتشفوا أني «سعودي»، لأجد مزيجا من التقدير والامتنان، لموقف بلادي، وشجاعة قائدي، من مجمل الأحداث في مصر، ولم أكن بحاجة لأن أفهم، أن أشقاءنا المصريين، ينظرون إلى المملكة، نظرة ممزوجة بالأخوة والتقدير. في الشارع المصري، وجدت أناسا عاديين، يسجلون قبلة الامتنان والتقدير، التي طبعها الرئيس السيسي على جبين خادم الحرمين الشريفين، كانت نيابة عن كل مصري، وجد في الموقف السعودي، مما حدث في بلاده بعد ثورة 30 يونيو، طوق نجاة من مؤامرات كبيرة وعديدة، بل إن عاملا بسيطا في أحد المقاهي، صارحني بأنه لولا الموقف السعودي، والخليجي، القوي والداعم، لتحولت مصر إلى ليبيا أو سوريا. حقيقة، لم أعرف كيف أرد على انطباعات أشقائي المصريين الذين التقيتهم في مناسبات عدة، وأنا أرى قلوبهم قبل وجوههم، تنطق بما يعجز المرء عن وصفه، أو التعبير عنه، كلمات كثيرة، تنبض بالصدق والحرارة، ومشاعر مختلجة، جعلتني أدرك أن ما بين الشعبين الشقيقين، أقوى من تقلبات السياسة، وأعمق من مصالح عابرة. القاهرة التي وقفت على قدميها، فرحة بزيارة مقتضبة وسريعة، لقائد، رأى فيه المصريون، أنه انتصف لهم، وساند إرادتهم، ولم يبخل بجهد سياسي، أو ثقل ديبلوماسي، أو دعم مالي، في لحظة حرجة، تخلى فيها كثيرون عنهم، بل تآمروا عليهم.. لذا كان هذا البركان الحار من الترحيب والتقدير والامتنان. القاهرة، التي سرت في شوارعها، وحادثت بسطاءها، وبعض النخبة فيها، وتأملت الوجوه المتعبة فيها، نست كل همومها، وتعلقت بزيارة زعيم تاريخي، قائد لوطن تاريخي، وأخ لشعب تاريخي أيضا.. هي تلك التي ودعتها، بشكل مختلف، إذ رأيتها لأول مرة، تعيش على الحلم والأمل، في تخطي مشكلاتها ومعاناتها، لتعود لنا قاهرة المعز الرائدة، والحصن الحصين لكل العرب، مثلما هي رياض العرب، خيمة الاستقرار والأمان وواحة للإسلام والمسلمين.