في هذه الأيام تجتاح العالم من ادناه إلى اقصاه (حمى المونديال) أي بطولة كأس كرة القدم لدول العالم ولا أكذب عليكم أنني من ضمن من أصيبوا بهذه الحمى، لأنني بطبعي متابع غير محترف لمثل هذه المباريات. وقبل خمسة أيام كنت حاضرا أحد المجالس الذي يضم مجموعة من الرجال (المرستكين)، وكلهم يتحدثون عن (المونديال)، وكيف ان الشوارع في جدة أصبحت أثناءها أقل ازدحاما، و(مولاتها) شبه خالية من المتسوقين، وأن المقاهي التي لديها تلفزيونات لنقل المباريات تضاعفت أرباحها (300 %). كل هذا كان يدور وأنا مستمع صامت أفكر، وأقول بيني وبين نفسي كذلك: (يا ليت عندي مقهى)، وفجأة قطع علي صمتي وأمنياتي من كان يجلس بجانبي عندما سألني: هل وصلتك دعوة (فلان الفلاني) لحضور زواج ابنه؟!، أجبته بنعم، ولكني لم اذهب، فكرر سؤاله: ليش؟!، أجبته لكي أشاهد المباريات، فقال لي: أنا ذهبت إلى المكان الذي فيه العرس، هل تصدق ان كل الحضور لم يزيدوا عن عشرة أشخاص، في حين أن صاحب العزيمة قد وجه الدعوة لأكثر من (500) مدعو، وقد اتفق المسكين مع المطعم على أن تكون الوجبة لكل مدعو (350) ريالا وقد دفعها مقدما، ومعنى ذاك أن (175) الف ريال قد ذهبت (طعام جحوش) أي ذهبت للكب ، إلى درجة أن والد العريس كاد أن يشقق ثيابه من شدة القهر، تعرف ليش؟!، أجبته: والله ما اعرف، قال: لأن الغالبية العظمى هم من أمثالك، بسبب أن صالة الزواج ليس فيها تلفزيونات تنقل المباريات، قلت له: اذن يستاهل. وأردف قائلا: ولكن (فلان الفلاني) الذي زوج ابنه بعده بيومين عرف بالذي حصل وكان أكثر ذكاء، فتدارك الأمر وسارع يتصل بكل من دعاهم تلفونيا يخبرهم بأنه أمن تلفزيونات لنقل المباريات مباشرة، ولا تتصور كيف أن القاعة قد اكتظت بالمدعوين، والقليل القليل منهم قد تخلفوا إما بداعي السفر أو لأنهم (محصورين). فقلت له: مع الأسف أن هذا الأخير الذكي لم يدعني لأنه لا يعرفني، ولكنه لو دعاني (فيمين بالله) لكنت من أول الحاضرين، لأنني ولله الحمد لست على سفر ولست محصورا، ومن هو الغبي الذي يفوت دعوة كهذه فيها مشاهدة المباراة والأكل (بلوشي). لا وفوق ذلك، لا استبعد إطلاقا أن أتجه للعريس (وأحك ساقي بساقه) كعادتي دائما. ولمن لا يعرف هذه الحركة (الفولكلورية) فيقال: إن من يحك ساقه بساق العريس ليلة الدخلة، سوف تنتقل العدوى لديه، (أتوماتيكيا) ويتزوج بعده إما بيوم أو بشهر أو سنة على الأكثر. جربوها، وادعوا علي.