هدف نبيل يقف وراء ما تفكر فيه وزارة العدل من إلزام المحامين بالدفاع عن ذوي الدخل المحدود الذين يعجزون عن دفع تكلفة المحاماة عنهم في القضايا المنظورة أمام المحاكم، هدف لا يسعى إلى تحقيق أركان المقاضاة والتي يشكل الترافع فيها ركنا أساسيا فحسب وإنما يحقق العدالة والمساواة بين أصحاب القضايا سواء من كانوا قادرين على دفع أتعاب وتكلفة المحاماة أو العاجزين عن ذلك ممن لا تمكنهم دخولهم من دفع أجور المحامين. هدف نبيل لولا أن نبل الأهداف وحده لا يكفي لتحقيقها، ذلك أن تحقيق مثل هذا الهدف يحتاج إلى جملة من الضوابط والآليات التي تبدأ من تحديد محدودية الدخل التي تحول بين المتورطين في القضايا المعروضة على القضاء، ودفع أتعاب المحاماة، وبدون هذا التحديد سيظل الباب مفتوحا لاحتمالات ادعاء العجز وتخضع المسألة بعد ذلك إلى تقديرات غير دقيقة ينافس فيها القادرون العاجزين كما حدث في توزيع قطع الأراضي على محدودي الدخل وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تعطيل تحقيق هذا الهدف السامي، ويكرس للتمايز بين أصحاب القضايا ويخلط بين من هو مستحق للمساعدة ومن ليس بحاجة لها. وتحديد معيار الدخل المحدود لا ينفصل عن تحديد حجم القضية المنظورة أمام القضاء، ذلك أن تكلفة الدفاع وأجور المحامين تختلف باختلاف حجم القضايا مما يجعل مفهوم العجز عن دفع التكلفة مرتبطا بحجم القضية وليس بمحدودية دخول أصحابها. ثمة مسألة أخرى تتعلق بمدى جدية وإخلاص المحامين في الدفاع عن قضايا بناء على تكليف المحاكم لهم بالترافع فيها مجانا، مما يؤكد الحاجة إلى وجود آلية لضبط أداء المحامين في هذه القضايا خاصة أنهم يكلفون بها مجانا في الوقت الذي تزدحم جداول عملهم بقضايا أخرى تدر عليهم مئات الألوف والملايين من الريالات. ورغم ذلك فإن نبل هذا الهدف يظل مرتهنا بتحقيقه، ولتحقيقه سبل أخرى غير تكليف المحامين بالدفاع المجاني وإنما بإيجاد مصادر دخل للقضاء تمكنه من توفير أجور المحامين حين يتبين للمحاكم عجز أصحاب القضايا عن دفع تلك الأجور، مصادر دخل للقضاء قد يكون منها ما ينبغي على المحامين دفعه للمحاكم من نسبة أرباحهم، وكذلك ما يتم تغريم أصحاب القضايا الكيدية وغير ذلك من مصادر دخل تمنح المحاكم القدرة على تحمل تكاليف أجور المحاماة عمن يعجز عن دفعها.