في استطلاع ميداني ل «آفاق الشريعة» حول موضوع مكاتب المحاماة ومساهمتها في تخفيف الضغوط عن المحاكم الشرعية وتسهيل الإجراءات في قضايا قسمة التركات «الورث» وغيرها من القضايا، أدلى فيه متخصصون ومواطنون برأيهم للنهوض بها نحو مشاركة مجتمعية فاعلة، فإلى الاستطلاع: قلة الوعي في البداية أكد المحامي الشيخ فوزي بن أحمد الغامدي إمام وخطيب أحد الجوامع بالدمام أن مكاتب المحاماة ساهمت في تخفيف الضغط على المحاكم، ويقول: بلا شك أن طبيعة عمل مكاتب المحاماة وما يردُ إليها من قضايا سواءً كانت مواريث أو أسرية أو حقوقية أو مالية أو شركات وغيرها تساهم في تخفيف الضغط على المحاكم الشرعية سواءً كانت المحاكم العامة أو الإدارية او الجزائية، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار ازدياد عدد السكان وكثرة مشاكلهم وتنامي العلاقات الثنائية والتجارية بينهم مما يدل على أن العمل يزداد والقضايا تكثر فالتناسب تناسبٌ طردي. الغامدي: أُناشد كل من له علاقة بسلك القضاء أن يعمل على زيادة عدد القضاة وأضاف: هناك بعض مكاتب المحاماة مختصة بموضوع قسمة الشركات وذلك لسببين: أولهما طبيعة الدراسة الشرعية التي كان جزء منها حول الفرائض وقسمة المواريث، والثاني طبيعة القضايا التي ترد إلى مكاتب المحاماة وتكثر فيها قضايا المواريث وقسمة الشركات، ومن هنا يوجد بعض المكاتب يكون جُل اهتمامها هو قسمة المواريث وحصر الشركات. وأشار الغامدي إلى بعض المشاكل التي تعترض مكاتب المحاماة وأسبابها، حيث قال: كل عمل لابد أن تكتنفُه بعض العوائق والعقبات ولكن مع وجود الارادة القوية والهمة العالية يمكن تجاوز ذلك كله، ومن اهم المشاكل: قلة الوعي لدى عموم الناس بأهمية دور المحامي وأنه يؤدي دوراً بارزاً لا يقل عن دور القاضي في المحكمة، بالإضافة إلى الصورة المشوهة عند بعض الناس عن عمل المحامي وأنه مجرد بنك يسحب اموال الناس بغير وجه حق، ولا أنكر وجود بعض المحامين على هذه الشاكلة ولكنهم لا يشكلون ظاهرة، وكذلك تأخير مواعيد المحاكم العامة للبت في القضايا حيث تكون المواعيد بعد ثلاثة أو أربعة أشهر وهذا فيه الحاق الضرر بالعملاء وعموم الناس. وختم الغامدي حديثه بكلمة إلى المسؤولين في السلك القضائي بقوله: أشكر كل الجهود التي تبذل لتطوير مرفق القضاء وأخص المشروع الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين، وأرى أنه بدأ يؤتي أُكله وثماره على جميع المستويات سواء مستوى المباني أو المعاني والمتمثل في عقد دورات للقضاة وتطوير أدائهم الوظيفي والمهني، وأُناشد كل من له علاقة بسلك القضاء أن يعمل على زيادة عدد القضاة في جميع محاكم المملكة وخاصة المناطق المكتظة بالسكان كالمنطقة الشرقية فإنه لا يوجد تناسب بين زيادة عدد القضايا وعدد القضاة. فكرة متأصلة وفي نفس السياق بدأ عبدالرحمن الأمير حديثه عن الموضوع بقوله: لا أمتهن المحاماة وإنما أقدم بعض الخدمات للأميين مجاناً أو مجاملةً منذ زمن يسبق نشأة نظام المحاماة بعقود وبمستوى محدود كصحيفة دعوى، أو مرافعة أو نقض الأحكام الشرعية وحصر تركات تراضي الأطراف وأتوكل عن أفراد أسرتي من الدرجات المسموح بها نظاماً، وذلك من منطلق اكتساب الخبرة والتحصيل الفردي بالاطلاع على المؤلفات المتخصصة أو الاشتراك في الأنظمة والتشريعات المحلية والدولية. ويرى الأمير أن هناك بعض التسهيلات التي من الممكن أن تساهم في تسهيل عمل المحامين والوكلاء الشرعيين لأداء عملهم وتخفيف الضغط عن المحاكم ويقول: هناك بعض التسهيلات المطلوبة من الأنظمة ليتمكن المحامي والوكيل الشرعي أداء أعمالهم على أكمل وجه ويخفف الضغط عن المحاكم الشرعية، منها: الأمير: المحامي يطلب أتعاباً تفوق طاقة موكله المادية- تفعيل دور المحامي من خلال ممارسة كامل صلاحياته في ظل ما له من حقوق وما تنص عليه لائحة نظام المحاماة من تعليمات أبسطها إطلاعه على القضايا وعلى أقوال موكله وقبول دفاعه وأدلته التي يقدمها أثناء التحقيقات فيما نسب إلى موكله من اتهامات. - اعتماد إجراءات المكاتب النظامية والشرعية الصادرة من قبل المحامي كفرائض التركات ومستندات الدفاع والإثبات أثناء إجراء المرافعات بعد ثبوت صحتها لدى المحكمة الشرعية. - النظر إلى المحامي أو الوكيل الشرعي بنفس مكانة منسوبي الادعاء العام في الاستناد على أقواله في الادعاء، فهناك بعض الأحكام تبنى على أقوال الادعاء بصرف النظر عن مدى أهميتها في إثبات وقائع إجراءات الدعوى من عدمها. وحول أسباب عدم لجوء الناس إلى مكاتب المحاماة وتوكيلهم يقول: يفضل كثير من الناس عدم اللجوء إلى المحامي لأن الفكرة المتأصلة أن المحامي يطلب أتعاباً تفوق طاقة موكله المادية، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات ملزمة للمحامي بكسب القضية أو ملزمة بإعادة الأتعاب المدفوعة وجزء منها للموكل فالأمر أشبه بخوض مغامرة مجهولة النتيجة، وغالباً يلجأ أصحاب القضايا إلى ذوي الخبرة من الملمين بأنظمة المرافعات الشرعية والأحكام الفقهية والأنظمة ممن يستطيعون إقناع الموكل بدفع ما يستطيع لهم نظير تقديم استشارة شرعية أو قانونية أو نقض الأحكام أو صياغة لائحة مرافعات وذلك لعدم قدرتهم على تحمل النفقات الباهظة. تسهيل الإجراءات ويضيف طالب كلية الشريعة والمحامي المتدرب سلطان سالم الجلعود أن مكاتب المحاماة عون للمحاكم في البحث عن الحق واظهاره وانهاء الإجراءات والتسهيل على الناس في معاملاتهم، ويؤكد أن المحامي بلغ من العلم الشرعي والقانوني ما يجعله أهلا للثقة ليقوم بقسمة التركات على الأصول الشرعية، ومنحه هذه الصلاحية تخفيف للتزاحم والمواعيد في المحاكم وانهاء كثير من المعاملات التي يمكن أن تنجز خارجها. وقال: توزيع اختصاصات القضاء الشرعي معمول به في المملكة -بحمد الله- فكما أعطي غيره بعض اختصاصات القضاء كالمأذون وتخصصه في عقد القران فكذلك المحامي يعطى قسمة التركات وغيرها من المهام التي تخفف الضغط وتجعل الأمر سهل الوصول وتقلل من المواعيد القضائية وتجعل القاضي متفرغا للمسائل القضائية التي تحتاج الى نظر. ويشير الجلعود إلى أن إدارة المحاماة في وزارة العدل متابعة لعدم حصول أي تجاوزات أو خروج عن النظام، وتحاسب المخالف حسب اللوائح والأنظمة الصادرة من الوزارة. ثقة الناس ويشارك الموظف الحكومي أحمد عامر عسيري ويقول: لا أرى أن مكاتب المحاماة تخفف من الضغط على المحاكم الشرعية، لأن الناس لا يتوجهون إليها في الغالب إلا على وفاق، وأكثر الورثة من وجهة نظر شخصية لا يتفقون إلا من رحم الله. ويكمل: قسمة التركات في المحكمة أفضل بكثير من قسمتها عند مكاتب المحاماة والمؤسسات الخاصة حتى وإن كانت تأخذ وقتا طويلاً في المحكمة، لأن في النهاية القاضي هو الفيصل والناس تثق بالقضاة ثقة تامة في انهاء أي قضية دون شك والذي قد يساور أحد الناس لو تم الأمر عند محام، ولو حصل ذلك فستفشل القضية لأن المحامي ليس مخوّلاً بحلها إذا لم يكونوا على وفاق، وقد ينصحهم بالذهاب إلى المحكمة في حال تعسّر القضية. وأردف: القضاة ولله الحمد في بلادنا أهل تديّن وخيرة الناس والجميع يثق بهم، فليس للقاضي أي مصلحة شخصية حتى يلحق ضرراً بأحد أو يظلمه مهما كانت الدوافع، ومكاتب المحاماة فيهم خير وقد يكون قلة الوعي لدى الناس والمبالغ الطائلة التي يطلبها المحامون سببا في عدم الثقة بهم. ويطالب العسيري الجهة المختصة بالسلك القضائي بقوله: لابد من تخصيص قضاة في موضوع قسمة التركات كما خصص للدوائر الإنهائية أو الإنهائيات كما يطلق عليها ومحاكم الحجز والتنفيد وأقسام الصلح المستحدثة في المحاكم لتخفيف الضغط على القضاة الذين ينظرون كل القضايا باستثناء بعضها التي لا تكاد تذكر ومنها: الحجز والتنفيذ فالقضاة في هذه الدائرة لا ينظر إلى قضاياهم إلا من تخصص في هذا المجال فقط، فلماذا لا نرى قضاة مختصين بقسمة التركات أسوة بغيرها من الأقسام وتخفيف هذا الأمر عن القضاة الآخرين حتى يتم التسهيل على الناس. ويوجه العسيري كلمة في نهاية حديثه إلى المحامين قائلاً: هناك أمر هام ووصية إلى أصحاب مكاتب وشركات المحاماة عليهم أن يتقوا الله «سبحانه وتعالى» وأن لا يطلبوا مبالغ طائلة من الناس، حتى تزرع الثقة وتتغيّر الفكرة عندهم. اتفاق الورثة ويخالف المعلم يحيى حسن قميري ما ذكره العسيري ويقول: مما لا شك فيه أن مكاتب المحاماة تخفف من زحمة المحاكم وضغط الناس، حيث ان المحاكم توجد فيها قضايا كثيرة غير تقسيم الميراث وكل القضايا ينظرها قاض واحد، والقضايا التي تكثر على القاضي الناظر لها قميري: المحامي لديه متسع من الوقت لينظر لقضية التركة أو الميراث حتما ستؤجل لأكثر من جلسة والناس لديهم مشاغل كثيرة فمنهم من يفوّت الموعد وتحفظ القضية لعدم حضوره ويبدأ مسلسل المراجعات لتعاد القضية من جهة الحفظ إلى القاضي، والمواعيد الطويلة في المحاكم تلعب دوراً رئيسيا في تأخير القضايا وقد يكون وقت القاضي والضغط لا يسمحان له بالنظر في جميع القضايا، لذا أرى أن دور مكاتب المحاماة ممتاز لأن المحامي لديه متسع من الوقت لينظر لقضية التركة أو الميراث، بالإضافة إلى أن مكاتب المحاماة تفتح في أوقات لا تتعارض مع أشغال الناس وأعمالهم. وينوه قميري إلى أن الاتفاق بين الورثة مطلوب لتسريع ونجاح القضية، ويقول: إذا كان الورثة متفقين فيما بينهم فهذا الأمر يسهل عملية قسمة الميراث للمحامي الذي سيوزع التركة وأما إذا كان عكس ذلك فيستعصي على المحامي التعامل معه وسوف يكون مرد قضيتهم إلى المحكمة من جديد لكي تنظر لدى القاضي للفصل في القضية. مواعيد المحاكم من جهته قال الإعلامي حسن الجعفري: مكاتب تقسيم التركات (الورث) تسهم بشكل فعال في سرعة إنهاء إجراءات القسمة بين الورثة والتي يطول امد البت فيها بالمحاكم، ولكن لابد من إطلاع الشيخ ناظر القضية على عملية القسمة والتصديق عليها شرعاً حتى يضمن صحة القسمة بالضوابط الشرعية وتدوينها بسجل الضبط الخاص بالقضية، نظراً لأهمية قسمة التركات في الاسلام فالله «سبحانه وتعالى» تولى تقسيم الفرائض بنفسه ولم يفوّض ذلك إلى ملك مقرب ولا إلى نبي مرسل فبين لكل وارث ما له من التركة بخلاف كثير من الأحكام التي جاءت مجملة في القرآن وفصلتها سنة النبي «صلى الله عليه وسلم» كالصلاة والزكاة والحج، الجعفري: أصحاب مكاتب المحاماة يتقاضون مبالغ طائلة نظير أتعابهمفالفرائض أنزلت اليها الآيات مفصلة كما في بداية سورة النساء وفي آخرها وسمى الله «سبحانه» هذه الفرائض حدوده ووعد على الوقوف عندها وعدم تجاوزها بالثواب وتوعد من تعداها بالعذاب فقال تعالى «تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين».، وقد أمر «صلى الله عليه وسلم» بقسمة الفرائض بين أهلها فقال: (أقسموا المال بي أهل الفرائض على كتاب الله فما تركت الفرائض فلأولى رجل ذكر...) وقد سمى العلماء علم الفرائض نصف العلم. ومن هذا المنظور يجب أن تقسم ومكاتب المحاماة ستسهم في سرعة التقسيم والتقليل من الفترة التي ستقضيها قضية التركات في أروقة المحاكم رغم أن أصحاب مكاتب المحاماة يتقاضون مبالغ طائلة نظير أتعابهم ومع ذلك فلابد ان تكون القسمة بإشراف القاضي ناظر القضية وتصديقها من قبله. مبالغ طائلة أما موظف القطاع الخاص علي محزري فيرى أن مشكلة مكاتب المحاماة تكمن في المبالغ الباهظة التي يتقاضاها المحامون نظير أتعابهم، ويقول: مكاتب المحاماة تخفف من الزحمة والضغط على المحاكم العامة، وهي تصب في مصلحة الناس من حيث التوقيت وانتشارها في كل مكان فلا يكاد شارع يخلو منها، وقسمة الميراث قد فصّلها الله «سبحانه وتعالى» في كتابه العزيز فالحقوق محفوظة إلا أن المحاكم مزدحمة دوماً والمواعيد تمتد إلى أشهر وربما سنين ولا يخفى ذلك على الناس، وخاصة المراجعين فيها بشكل مستمر، وهذه المكاتب تسهم في تخفيف هذه الضغوط والمشكلة الوحيدة فيها غلاء الأسعار والمبالغ الباهظة التي يطلبها المحامون. محزري: تسهم في تخفيف الضغوط والمشكلة الوحيدة فيها غلاء الأسعار فأرجو من جميع المحامين وملاك المكاتب المتخصصين في قسمة الميراث أن يخففوا من هذه الأسعار رجاء في ثواب الله «سبحانه وتعالى» وليثق بهم الناس ويذهبوا إليهم ويتعاملوا معهم، ولا أخفيكم أن هذه المراكز تلعب دوراً كبيراً في قسمة الميراث وخاصة لمن يسكن في القرى والهجر البعيدة عن المحاكم أولا فتريحهم من عناء المواعيد والذهاب والإياب إلى المحكمة وخاصة إذا تطلب حضور جميع الورثة فبعضهم يشق عليه ذلك فمنهم من يحتم عليه عمله عدم الالتزام بموعد حضور الجلسة في موعدها ولا يكاد يجد متسعا من الوقت لذلك وربما تأجل الموعد، ومنهم من لا يستطيع الحضور لمرض أو عارض فالناس مشغولون بأعمالهم.
اعتماد الناس على المحامين يخفف الضغط عن المحاكم لولا المبالغ الباهظة (وكالات)