جاء موقف المملكة الذي صدر عن مجلس الوزراء أمس حيال ما يجري على الساحة العراقية من عبث وفوضى، واضحا وجليا وشفافا وصريحا، عكس حرصها البالغ على وحدة وسلامة العراق والحفاظ على سيادته وإبعاده عن شبح الحرب الطائفية التي كرسها نوري المالكي، الذي أوصل العراق إلى هذه الحالة الفوضوية المأساوية، والتي أدت إلى التدخلات الإقليمية الخارجية الفاضحة في شأنه الداخلي، وهو الأمر الذي جعل العراق مرتعا خصبا للتنظيمات الإرهابية وملعبا جاهزا لتكريس الفكر الطائفي البغيض، الذي أهلك الحرث والنسل العراقي، وامتدت هذه الحرائق إلى سوريا بسبب دعم ميليشيات المالكي الطائفية لنظام بشار الدموي البربري. إن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال وستظل حريصة على الشعب العراقي، ولم تتدخل يوما من الأيام في شأنه الداخلي، وهدفها كان دائما أن ينعم الشعب العراقي المغلوب على أمره بالأمن والاستقرار والسلام كغيره من الشعوب في هذ العالم. إن ما يجري في العراق أدمى قلوب الجميع، ومشاعر القلق البالغة الخطورة للتطورات الجارية في العراق والتي أبداها مجلس الوزراء، نابعة من حرص المملكة على العراق ومكتسباته وعدم التفريط في سيادته واستقلاله، وهذا التفريط وهذه التنازلات التي جاءت من المالكي بسبب سياساته الطائفية والإقصائية التي مورست في العراق وهددت ليس فقط أمنه واستقراره وسيادته بل بقاءه، بسبب التدخلات الإقليمية والتوجهات الطائفية البغيضة عندما ارتمى في أحضان الأطراف الإقليمية. ما يحتاجه العراق اليوم أكثر من أي وقت مضى، هو تجنب السياسات القائمة على التأجيج المذهبي والطائفية التي مورست في العراق في الماضي والحاضر وبذل كافة الجهود للمحافظة على سلامة أرواح المدنيين وتخفيف معاناتهم وإنهاء الثقافة الطائفية والفكر الإرهابي الذي نشأ بسبب سياسات المالكي، وسرعة تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الأطراف العراقية بلا استثناء ولا تهميش ولا إقصاء، للعمل على إعادة الأمن والاستقرار، والحرص على مبدأ سيادة ووحدة وأمن وسلامة العراق، وإحداث حالة التوافق السياسي لتخليص العراق من محنته وإخراجه من أتون الحرب الطائفية والأهلية. إن رفض المملكة التدخل الخارجي في شؤون العراق الداخلية، ودعوتها كافة أطياف الشعب العراقي إلى الشروع في اتخاذ الإجراءات التي تكفل المشاركة الحقيقية لجميع مكونات الشعب العراقي في تحديد مستقبل العراق والمساواة بينها في تولي السلطات والمسؤوليات في تسيير شؤون الدولة وإجراء الإصلاحات السياسية والدستورية اللازمة لتحقيق ذلك، ما هي إلا دعوة مخلصة وصادقة للحفاظ على العراق الذي تتقاذفه أمواج المجاميع الإرهابية المتطرفة مثل داعش، والفكر الإقصائي الطائفي لكتلة المالكي وميليشياته البغيضة المدعومة من الأطراف الإقليمية، التي تريد السيطرة ليس فقط على صناعة القرار في العراق ومؤسسات الحكم، بل أيضا على ثروات الشعب العراقي ومكتسباته وتغيير الفكر العروبي والإسلامي المعتدل والوسطي للشعب العراقي الأصيل إلى فكر إقصائي طائفي مقيت.