أعود مرة أخرى للحديث عن الشركات العائلية لأهميتها الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها الإنسانية والعائلية على مستقبل واستقرار الأعمال والعائلات وأكرر أن الخلافات داخل العائلة والشركة والشركاء في الأساس هو أمر طبيعي ولكن للأسف الكل ينظر إلى الأموال والقانون وينسى الأمور الاجتماعية والإنسانية والعاطفية التي هي أساس الخلافات ومفتاح الحل ولذلك تفشل المؤسسات الحكومية والسلطات القضائية وحتى الغرف التجارية في إيجاد الحلول، بل أصبحت هذه الأمور جزءا من أساس هدم وانهيار الشركات العائلية وتفتت صلة الأرحام لعدم قدرتهم على حل الخلافات بالطرق التي يجب أن تكون أقرب إلى الصلح والوفاق عن الأحكام وتنفيذها، ولم تتمكن الكيانات والشركات العائلية من فرض احتياجاتها تبعا لأهميتها وتأثيرها على الاقتصاد سواء كان مباشرة أو من خلال الغرف التجارية عبر السنوات، والاستثناء الأهم خلال السنوات هو إصدار معالي وزير التجارة لدليل حوكمة الشركات العائلية وميثاقها الاسترشادي وما جاء فيه أن الوزارة تؤكد على أهمية الحوكمة وعيا ومفهوما وممارسة، لاسيما في الشركات العائلية، ذلك أن الحوكمة السليمة للشركة العائلية هي التي تقدم قيمة مضافة وحقيقية لها وتكون داعيا لاستمرارها بما يخدم مصلحة المساهمين والعاملين في الشركة على اختلاف مستوياتهم والاقتصاد الوطني بشكل عام الذي كانت شركاتهم ولا تزال رافدا قويا من روافد رخائه وازدهاره. ولذلك كان هذا الدليل للحوكمة يضع الإطار المنهجي للممارسات الرشيدة والخيارات السليمة لتنظيم وإدارة الشركات العائلية والميثاق الاسترشادي لهذه الشركات الذي يقدم أحكاما مختارة لمضامين المواثيق العائلية، وهنا أشدد على ما ذكرته الوزارة عن الحوكمة وعيا وفهما وممارسة لأن الواقع المؤسف هو أن الحوكمة لمعظم الشركات المساهمة والعائلية هو من مستندات الشكل والديكور العام للحديث عنه وتوافره لدى إدارة الشركة بعيدا عن الفهم الحقيقي لمعانيه وكيفية ممارسته وبالتالي الوعي بأهميته الحقيقة للعمل والأعمال والاقتصاد والملاك فهو ليس كتيبا يشترى من المكاتب الاستشارية لأغراض الترخيص للشركات المساهمة ويستنسخ للشركات العائلية مع تعديل المسميات والألقاب، يجب أن يعي الملاك والمؤسسون للشركات العائلية أن الحوكمة أسلوب حياة ومنهج للحركة داخل العائلة قبل الشركة تتربى عليه الأجيال وتتفهم معانيه ومضامينه وتعلم أنه السبب في فصل العائلة عن الأعمال وعن الإدارة إلى غيرها من الأمور الاجتماعية والإدارية والاقتصادية وسياسة العمل والإدارة للأعمال والشركات. وأوضح الدليل عن طرح جديد يتمثل في مفهوم الحوكمة التجارية وهي أحد المفاهيم التي يمكن وضع أكثر من تعريف منهجي لها، ومدار معظم تلك التعريفات العناية بالآليات والقواعد والأنظمة (القوانين) التي تهدف إلى توجيه وإدارة ومراقبة أعمال ونشاطات الشركات وتحديد حقوق وواجبات كل طرف ذي علاقة بها. ولا يقتصر نطاق الحوكمة بآلياتها وقواعدها والأنظمة الحاكمة لها على البعد الداخلي للشركة الذي يتألف من ملاكها ومديريها وموظفيها بل يمتد إلى البعد الخارجي للشركة الذي يضم عملاءها -ومن في حكمهم- والمناخ التنظيمي العام الذي تمارس فيه الشركة نشاطاتها، وسيناقش منتدى الشركات العائلية الخليجية -المقرر عقده من 30/9 إلى 2/10/2014م في دبي الذي ينظمه مركز القانون السعودي للتدريب- المسؤولية الاجتماعية وحوكمة الأعمال والشركات العائلية.