فلكيا يدخل فصل الصيف «الخدمة» يوم 21 يونيو الجاري أي بعد 10 أيام، لكنه عمليا لاح لنا منذ وقت مبكر بحرارته ولهيب شمسه وفواكهه عذبة المذاق ومتعددة الأصناف، وانقضاء العام الدراسي وباستعدادات أمانات المدن والمناطق لتنظيم فعاليات الصيف المعروفة. من هنا تبرز لنا عدة تساؤلات عن الصيف في المملكة وعن هموم وشجون المواطن والمقيم خلال هذا الفصل من السنة بما فيه من ارتفاع شديد لدرجة الحرارة التي لا تطاق، بحيث تجعل الناس يقدمون على الحركة والانتقال داخليا وخارجيا، وما يهمنا هنا أننا للأسف نجد على الصعيد الداخلي ارتفاعات سعرية كبيرة في الخدمات السياحية والترويحية المقدمة في المناطق والمنشآت السياحية خلال هذه الفترة، دون أن تكون على درجة عالية من الجودة توازي تلك الأسعار المبالغ فيها، وحتى الفعاليات المقدمة للأطفال لا تسلم هي الأخرى من التلاعب، وهو ما يضاعف من مسؤولية هيئة السياحة وأمانات المناطق والمدن في الرقابة الشديدة واتخاذ الإجراءات المناسبة في حق المخالفين كون الفوضى السعرية والتنظيمية في هذا الجانب لن تخدم القطاع السياحي الذي أصبح يشكل رقما صعبا في دخلنا القومي يتطلب مضاعفته عاما بعد آخر وعدم التهاون في إضعاف أو تراجع هذا القطاع الحيوي الهام، لأنه بصريح العبارة هو القطاع الذي نؤمل عليه كثيرا في توظيف الأيدي السعودية العاملة وبالتالي رفع مستوى نسبة الدخل لشريحة مجتمعية واسعة. أما الجانب الآخر في هذا السياق فهو نوعية الفعاليات المقامة خلال هذا الفصل من السنة حيث نجد أنها مكررة ومملة في معظمها دون أن تكون هناك مواكبة لمتغيرات الوعي المجتمعي الذي أضحى يفر من البرامج والفعاليات التقليدية فرار الفريسة من الأسد، لأننا نعيش في عصر الفضاءات المفتوحة وسهولة السفر والانتقال بين القارات الخمس، حيث يرى ويشاهد ويلمس المواطن ماذا يعمل الآخرون ويتحسر حينما لا يجد ولو جزءا بسيطا من هذا القبيل في وطنه رغم الإمكانات المادية والبشرية المتوفرة هنا، دون أن يعلم أن طموحاته تلك تظل حبيسة للروتين والنظرة الضيقة من البعض للسياحة والترفيه، وهذا لعمري ما يتطلب أن نعيد النظر فيه بحيث يلمسه المواطن الذي تكلف عناء السفر بين المناطق ودفع نقوده للحصول على خدمة سياحية تليق به، وفعالية ثقافية تجلب له المتعة والفائدة لا سيما في جانب المسرح والحفلات الفنية المتجددة أداء ومضمونا. ويبقى في الأخير من الفائدة أن نعرج على الجانب الأهم في منظومتنا السياحية حيث تتزاحم الأسئلة هنا عن أهمية تحسين شروط الاستثمار السياحي وصيانة مواقعنا السياحية وتوفير الحماية لآثارنا ومدننا التاريخية، وتفعيل آلية المراقبة من أجل الوصول إلى الجودة الشاملة في تقديم الخدمات اللائقة خصوصا في السياحة الدينية إن جاز التعبير المتمثلة في موسمي الحج والعمرة، وعن متى نعي من خلال فعاليات الصيف إذا أحسنا استثمارها بشكل ملائم فإننا سوف نؤسس لصناعة سياحية سعودية منافسة على مستوى المنطقة والعالم.