قيل لأعرابي: كيف تصنع في البادية إذا اشتد القيظ وانتعل كل شيء ظله؟ قال: وهل العيش إلا ذاك، يمشي أحدنا ميلا فيرفض عرقا، ثم ينصب عصاه ويلقي عليها كساءه، ويجلس في فيئة يكتال الريح، وكأنه في إيوان كسرى. بهذا الحال اختصر الأعرابي طريقة تعاطيه مع حياة الصحراء وأشعة الشمس اللاهبة، بهذا الحال شرح الطريقة المناسبة التي تملأ جوانحه بالنشوة والسعادة والامتلاء، وتنقل جوارحه إلى إيوان كسرى ولذائذ الحياة هناك. بالطبع أن الأعرابي يفعل ذلك تكيفا مع بيئته التي كانت على حال خال من وسائل الحياة الحديثة، كما نفعل نحن ذلك اليوم مكيفين أنفسنا بالتكييف الذي تحسدنا عليه شركة الكهرباء كل صيف، رغم أن أحلامنا مهما بلغت من الرفاهية لا تتجرأ أن تذهب إلى ذلك الإيوان! في خبر عاجل: أوضحت الشركة السعودية للكهرباء أن فنييها بذلوا جهودا لإعادة خدمة الكهرباء إلى أجزاء من محافظة شرورة، نتيجة عطل فني في محطة توليد الكهرباء. ثم في خبر لم يعد عاجلا: أعربت الشركة السعودية للكهرباء عن اعتذارها وأسفها للمشتركين المتأثرين بانقطاع الخدمة الكهربائية. ولأن ذلك يحدث بشكل متواتر كل صيف، ولأن ذات الأعطال تعاد، وذات الاعتذارات تكتب، ولأن مشاكل الكهرباء أكثر من أن يحتملها الصبر أو أن تلطفها الأحلام، رأيت أن نتبنى مشروع إيوان كسرى.. ذاك الذي تخيله الأعرابي حين انتعل كل شيء ظله من شدة الحر. الفكرة ببساطة تكمن في تجهيز خيام صيفية مرفوعة على أعمدة خشبية مفتوحة الجوانب للتهوية.. لا يكتال الريح فيها إلا من يحسن الاعتذار الدائم عن أخطائه الدائمة. إن فكرة وضع المخطئ في ظروف مشكلته معايشة لا معاينة يمكن لها ربما أن تقلل من أسطوانة الأعطال الصيفية، بحيث يتواءم صدقا الحديث عن استشعار المشكلة حينما يقولونها ببرود فاتر تهب عليه أجهزة التبريد المتحمسة ليل نهار!