الهجرة شبه الجماعية للخارج في موسم الصيف أصبحت عادة سنوية لا يتخلى عنها البعض، والشاهد على ذلك حجم الإقبال الكبير على مكاتب السفر والسياحة من أجل الفوز بمقعد، سألنا المسافرين فقالوا إن فعاليات الملعب الصابوني وشد الحبل والتسكع في الأسواق لم تعد تكفي فقرروا السياحة خارجيا. من داخل مكتب سفر وسياحة قال وليد الدوسري «لا توجد لدينا سياحة حقيقية، حيث ارتكزت على التسوق، وفي نظري يجب أن تغير هيئة السياحة مفاهيمها حول السياحة وتطوير هذه الصناعة والاستفادة من جميع الفرص المتاحة، فالسياحة الداخلية لم تتطور، ولنأخذ أبها مثالا، ما الذي تغير فيها بصفتها إحدى مناطق الجذب السياحي؟. ومن وجهة نظر شخصية أعتقد أن السياحة تحتاج العديد من الأفكار لجلب استثمارات أجنبية تسهم في إنشاء وتطوير البرامج الترفيهية والفندقية والمنتجعات، والتوسع في تنظيم المعارض والمناشط الرياضية والثقافية، فكل ما يحدث هنا اجتهادات فردية ولا يوجد تنظيم حقيقي لهذه الفعاليات». يواصل الدوسري عن الطيران المدني ودعمه للسياحة ويضيف «الجهات المختصة تبذل جهودا كبيرة لتنمية السياحة، والطيران ملزم بتطوير إمكاناته لتتوافق مع الجهود. أما إذا بقي الوضع على ما هو عليه فلن نستفيد شيئا، فأنا أخشى ضياع (عفش) سائح أو إلغاء حجزه». أحمد السعيد لا يختلف رأيه عن الدوسري ويضيف «لا توجد لدينا سياحة بالمعنى الحقيقي وإن كانت هناك اجتهادات فردية فهي لا ترتقي لطموحي كمواطن وأنا على يقين أن هناك مقومات وبنية تحتية نتفوق بها سياحيا وما نحتاجه فعلا القدرة على استغلالها بشكل صحيح، والرئيس العام لهيئة السياحة مجتهد بشكل كبير وهو يقوم بدوره كاملا لتفعيل السياحة لذا لا بد أن تتحول أفكاره وجهوده إلى شيء ملموس على أرض الواقع». وقال متهكما «بصراحة مللنا من الملعب الصابوني ولعبة شد الحبل.. نحتاج فعاليات سياحية فعلية يستمتع بها الجميع. وفيما يتعلق بالطيران فهو لم يرتق أبدا في مجال السياحة، فالرحلات محدودة والمقاعد أكثر محدودية، فضلا عن التأخير والإرجاء». رشيد السويحان قال ما أن تأتي الإجازة الصيفية حتى يطير إلى الخارج، لافتا إلى أنه لا يوجد ما يثير اهتمامه ليبقى، لأنه مل من الذهاب إلى الأماكن نفسها ومشاهدة الفعاليات عينها. ويشير إلى أن الشباب دائما يبحثون عن الجديد والمغامرة.. «اسمحوا لي أن أسأل: لما لا تكون هناك فكرة لإنشاء حدائق مبردة للعائلات في الصيف وتفعيل المدن الترفيهية المائية والثلجية؟، والطيران المدني يلعب دورا مؤثرا في إنجاح صناعة السياحة وهناك ضرورة ملحة لزيادة عدد الرحلات المخصصة وأن تكون هناك شراكة مع هيئة السياحة لتفعيل الأنشطة. من جانبها تضيف رشا الظاهري «السياحة بالنسبة لي في الداخل مجرد تسوق وأصبح هناك ربط كبير بينهما، ومن وجهة نظري أرى أن الأمر لا يعدو عن كونه دعاية لتلك المراكز أكثر منه سياحة». وتضيف «يزورني أقاربي من خارج الرياض ويطلبون مني تنظيم زيارات لهم إلى بعض الأماكن من أجل تغيير الجو ولكن للأسف ما يتم هو روتين، حيث نذهب لنفس الأماكن في كل مرة ونشاهد نفس الفعاليات، أريد أن أرى سياحة حقيقية كما يحدث في بعض البلدان المجاورة». عضو حقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين انتقدت السياحة الداخلية وقالت «لا سياحة سعودية جملة ولا تفصيلا، لا أسواق تضاهي الأسواق العالمية ولا وجود لصالات السينما ولا مطاعم جيدة. الشباب السعودي أبدع في البرامج اليوتيوبية والإنتاج ونافسوا شركات عالمية في الإخراج وفي الأفكار بهوية سعودية مسلمة محتشمة فلماذا لا يصنع لهذا الجيل (صالات سينما) توافق طبيعة المجتمع؟، ولا يقتصر الأمر على السينما ولكن على طبيعة المهرجانات كافة، حيث ترى جهود هيئة السياحة والأمانات ضعيفة مقارنة بدول الخليج». وتتساءل الدكتورة سهيلة: «ماذا ينقص السياحة المحلية، حيث إن مؤسساتها هي أكثر الجهات تلقيا للدعم؟ لماذا لا يشرك الشباب والشابات السعوديات في خلق أفكار تتلاءم مع طبيعتنا وتتناسب مع الجيل الحالي. الملاحظ أن السياحة تقتصر هنا على البراري التي يحذر منها الدفاع المدني لخطورة ما يحدث بها ولا يلام المجتمع في الاتجاه لها لأنه لا بديل لها». زين العابدين وصفت المطاعم المخصصة للنساء بأنها أشبه بالمقابر، فالعائلة تأكل في غرفة لا تتعدى مترا في متر ونصف، وتدفع أسعارا مهولة ولا توجد مراقبة على أسعارها. هيئة السياحة والآثار تواجه العديد من التحديات التي تتطلب منها ومن جميع الشركاء التغلب عليها لدعم وتطوير الفعاليات والبرامج، حيث اعترفت الهيئة بأن الاستثمار في الفعاليات لا يحقق الأهداف المرجوة منها ولا ترتقي أن تكون فعاليات رئيسية وهامة. وطالبت وزارة المالية بزيادة بند الفعاليات. ووضعت الهيئة عددا من الحلول البسيطة المؤقتة للنهضة بالسياحة، كالتركيز على عدد محدود من الفعاليات، خاصة التي تقام في موسم واحد وتوجيه الشركاء والقطاع الخاص إلى الاهتمام بها حتى تخرج بالشكل المطلوب، إلى جانب تفعيل دور جمعيات الثقافة والفنون والأندية الأدبية في تطوير وتنظيم فعاليات قيمة ومستمدة من ثقافة وتراث المملكة، أضف إلى ذلك المعارض الفنية والمسارح الشبابية والأمسيات الشعرية والغنائية.