الكرم عادة عربية أصيلة يفاخر بها اللآباء والأجداد، وتشربها عنهم الأبناء جيلا بعد آخر من خلال القصص التي تروى عن كرماء العرب. إلا أن ما نلاحظة اليوم لدى الكثيرين أمر يدعو للأسف كونه ينقل هذه العادة العربية المتأصلة في مجتمعنا من خانة الكرم المحمود إلى النقيض تماما وهو البذخ المذموم. فقد دعيت إلى وليمة أقامها أحد معارفي احتفاء بصديق له، فهالني ما رأيت .. سفر عديدة ممدودة حافلة بكل ما لذ وطاب وبكميات تكفي لإطعام جيش بأكمله، فيما المدعوون لا يحتاجون لأكثر من ربع هذه الكميات أو أقل، وبالطبع كانت النتيجة أن ذهب كل ما تبقى وما أكثره إلى صناديق القمامة. والأدهى والأمر أن هناك البعض من ذوي الدخول المحدودة لا يترددون في محاكاة من وسع الله عليهم في الرزق حتى وإن كلفهم ذلك حمل ديون إضافية تضاعف معاناتهم مع ظروف الحياة المعيشية.. وقد نهانا الله عن الإسراف والتبذير في آيات كثيرة فقال تعالى: {ولا تبذر تبذيرا * إن المبذرين كانوا إخوان الشياطينِ وكان الشيطان لربه كفورا}، وقال سبحانه وتعالى: {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا}. وتقوى الله لا يتم للعبد إلا بالأخذ بمكارم هذه الشريعة وفضائلها علما، وامتثالها في الحياة واقعا وعملا، ولا بد من اعتماد منهج الوسطية في جميع شؤون حياتنا. خالد بن زابن المرزوقي