وأقصد بالتقوقع، انعزال الإنسان عن بيئته، والانطواء على ذاته، والانقطاع عن التواصل مع مجتمعه المحيط القريب المحلي والعربي والإسلامي أو البعيد كالغربي.. وأعني بذلك الشخص الذي يختار ذلك بإرادته وإيمانه أو بإيعاز من الآخرين. على أرض الواقع غير ممكن ذلك. فهذا المتقوقع تجده يستهلك إنتاج وخدمات وأدوات واختراعات وأفكار (الغريب) الذي يختلف معه ويخاف منه في ذات الوقت، ربما بسبب شعوره الذاتي بقوة (الآخر) الحضارية والمادية والعسكرية والتكنولوجية.. في كل مذهب وأيدلوجية، تجد المتشدد والمتسامح، المتقوقع والمنفتح، اليميني واليساري، التقليدي والمبدع، والبين بين. وبالتالي فإن الحياة ليست أبيض خالصا أو أسود. هنا لا مكان لمقولة: هل أنت مع لوني أو ضده؟ هناك في اللون الواحد تجد مئات المستويات. هناك قائمة عديدة من الألوان والأفكار والأهواء والمشارب التي تقع بين البياض والسواد.. وتنتمي إلى ألوان الطبيعة والبيئة والطيف الجميل. هناك قائمة طويلة وعديدة ومنوعة من الزاد والشراب والأزهار التي لا نعرفها، لكن بالسفر والاختلاط نكتشف كم هي جميلة ولذيذة ودافئة أو باردة. من أراد أن يتقوقع ويسكن الزمان البعيد الجميل فهذا شأنه هو، ولكن ليس من حقه أن يجبر الآخرين (الغالبية العظمى) على اعتناق هذا السلوك وتقليده والسير على خطاه المترددة! التي هي عبارة عن مخاوف مرضية (الرهاب/ الفوبيا) تسكن وجدانه فقط. فالمتقوقع الذي هرب إلى الكهوف والجبال ربما سيلجأ إلى أدوات حداثية كالسيارات والكلاشنكوف وكاتم الصوت وجهاز الجوال واللاب توب التي أبدعها عدوه الوهمي/ الافتراضي! في النهاية، الأوطان المتقوقعة كطالبان أفغانستان (مثلا) ستموت وتنهض أوطان أخرى. قال ريجيس دوبريه، ذات يوم بعيد: سنتان في القوقعة ذلك هو حدك الأقصى!