«إنها الفوضى»، الوصف الذي يطلقه كل من يخرج مغادرا «حراج الخردة» بالمدينةالمنورة، أكثر ما يصدق هذا الوصف يوم جمعة من كل أسبوع، اليوم الذي يشهد كثافة أكبر داخل الحراج، ولا يتوانى قاصدو السوق من إطلاق الكثير من العبارات على «حراج الخردة»، ولاسيما أنه الموقع الذي يجد فيه الزائر مبتغاه. يقع حراج الخردة شمال المدينةالمنورة في أول الطريق المؤدي لمتنزه البيضاء البري بالقرب من مجرى تفريغ الصرف الصحي وسوق المواشي ومسالخ البلدية، ولهذا تنبعث الروائح الكريهة من المواقع المحيطة به، وهو الأمر الذي لم يعتد عليه أهالي المدينةالمنورة فحسب، بل حتى البحث عن المسروقات يتم داخل الحراج، حيث يكثر عرض المسروقات في البسطات العشوائية المنتشرة في طرقات وممرات حراج الخردة. وتعكس مجموعة من المؤشرات داخل الحراج عشوائية المكان وعشوائية التنظيم، ما ساعد الموقع في أن يكون بؤرة للفساد حيث يعتبره اللصوص المكان الآمن لعرض مسروقاتهم، كما تعتبره العمالة المخالفة مرتعا آمنا أيضا لبعدهن عن أعين الرقابة. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أصبح الحراج اليوم «حكرا» على مجموعة من المواطنين، تجدهم في المداخل الرئيسية للحراج يعملون وفق منظومة تمنع أي شخص من الاستقادة من البيع والشراء داخله، وهو الأمر الذي بات يستغله الكثير من المتربصين لتمرير البيع غير المقنن أو ما بات يعرف ب «المسروقات» غير معروفة المصدر. الكثير من السلبيات التي يشهدها حراج الخردة حرصت «عكاظ» على كشفها في هذا التقرير حيث يؤكد محمد الحربي صاحب أحد أكبر المواقع المخصصة للبيع في الحراج أن هذا الحراج أصبح يسبب صداعا يوميا كبيرا لأهالي المدينةالمنورة خاصة في الفترة المسائية التي تبدأ قبل العصر وتستمر إلى ما بعد العشاء، ولاسيما في عطلة نهاية الأسبوع كونه يقع في منطقة يستهدفها الكثير من الأهالي، ويكتظ بأعداد هائلة من السيارات لقربه من أسواق المواشي، مما يسبب ضغطا كبيرا لم تنجح معه جهود وزارة النقل والمرور في تغيير مسارات الطرق وتوسعتها لحل مشكلة الزحام هناك، مشيرا إلى أن من يزور حراج الخردة في الوقت الراهن يشاهد عشوائية المكان بداية بامتلاء الساحات ومواقف السيارات المحيطة بكميات كبيرة من البضائع المستخدمة حتى عرضت على الأرصفة واستحوذت على أجزاء من مسارات الطريق الرئيسي المؤدي إلى متنزه البيضاء البري، ما أدى لجشع «الشريطية» و«الدلالين» والعمالة المخالفة الذين يلاحقون السيارات المحملة بالبضائع بمجرد دخولها محيط الحراج للظفر بالبضائع التي تحتويها، حتى إن بعض المساومات تتم وسط الطريق العام، مما يتسبب في إيقاف حركة السير، ويفرز زحاما يضطر معه أصحاب السيارات لاستخدام منبهات سياراتهم بأصوات مرتفعة لتنبيه المارة، مما يحول المكان إلى صخب وإزعاج كبيرين طوال الوقت حتى أصبح الدخول إلى حراج الخردة مخاطرة للسائقين الذين يصطدمون بأرتال البضائع الخردة الملقاة على الأرصفة وقارعة الطريق. وقال أبو سلطان أحد أقدم المتواجدين في حراج الخردة -حيث يقوم بالشراء والبيع منذ أكثر من 20 عاما- إن حراج الخردة كان أكثر تنظيما في السابق، حيث التواجد المستمر لجميع الجهات الرقابية، سواء كان ذلك ميدانيا أو حتى بشكل سري، ولكن للأسف اختلف الوضع في الوقت الراهن، حيث انتشرت المباسط العشوائية التي لا يعرف من هم أصحابها، فيما تعرض هذه المباسط مسروقات بعيدا عن عين الرقيب، مشيرا إلى أن زرع كاميرات مراقبة في أجزاء عدة من الحراج سوف يساهم في القضاء على ظاهرة انتشار المباسط العشوائية التي تقوم بعرض وبيع المسروقات، مطالبا بفرض رقابة عاجلة على الحراج في ظل تمرير بيع كثير من المسروقات من الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والأثاث المنزلي. وفي المقابل ذكر يوسف البرماوي أحد البائعين في الحراج أن معظم العاملين في الحراج سابقا كانوا من السعوديين ولكن في الوقت الراهن انتشرت العمالة الآسيوية الوافدة بشكل كبير، وتحديدا بعد انتهاء مهلة التصحيح، لافتا إلى أن العقبة الكبرى تتمثل في غياب التنظيم وعشوائية البيع وكثرة المباسط العشوائية، داعيا إلى حصر أعداد العاملين في السوق وتنظيم مواقعهم المناسبة للبيع خاصة أن معظمهم من كبار السن، مضيفا أن الإشكالية الاخرى في السوق تتمثل في الزحام والكثافة المرورية للسيارات ما تسبب في تعطل حركة السير بطريق الخليل - منتزه البيضاء البري، الذي يسلكه المتنزهون، خاصة أيام العطلات، فضلا عن ضعف الرقابة. ومن جانبه أوضح مروان الصباوي أحد المترددين على حراج الخردة بشكل مستمر أن مشكلة سوق حراج الخردة تتمثل في العشوائية وغياب التنظيم وللأسف كل من لم يجد أي عمل اتجه إلى الحراج، داعيا إلى تنظيمه وتسجيل أسماء البائعين في الحراج وضبط البيع على أطراف الحراج، خاصة أن البضائع التي تباع خارج السوق ربما تكون مسروقة ولا يعرف مصدرها، في حين يشير طلال المرواني إلى بيع البضائع المسروقة في يوم الجمعة من كل أسبوع حيث يكثر رواد الحراج. وذكر خليل الصبحي أنه بات من الضرورة وضع حد للبيع العشوائي في الحراج ومنع الوافدين من العمل فيه، وتكثيف الجهود لضبط البضائع المسروقة، فيما يرى عاتق السحيمي أن الحراج بحاجة إلى تنظيم من نوع خاص لأنه وفقا لقوله أصبح موقعا للبيع من قبل كل من هب ودب، خاصة من بعض الوافدين الذي يعملون في أطراف الحراج وممراته الضيقة، داعيا إلى أن تمر جميع البضائع المعروضة على شيخ الدلالين في الحراج. إلى ذلك أوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة المدينةالمنورة العقيد فهد الغنام، أن هناك مراقبة مشتركة من عدة جهات أمنية في المدينة لحراج الخردة، منعا لوقوع أي حوادث أو أعمال تخل بالأمن العام، مشيرا إلى أن الحراج تحت رصد رجال الأمن في كافة الأوقات سواء أوقات الذروة أو غيرها، وأن الجهات الأمنية لن تتهاون في اتخاذ العقوبات المناسبة بحق المخالفين، مؤكدا تواجد فرق البحث الجنائي والفرق السرية والدوريات الأمنية في الحراج بشكل مستمر، ما أسهم في ضبط كميات من البضائع المسروقة.