ليست هي المرة الأولى التي أحظى فيها بزيارة «عسير» المنطقة و«أبها» المصيف. كيف وهي مشد الرحال لكل صائف أو سائح ينشد الهواء الجميل والمجتمع النبيل. إلا أن ما انفردت به هذه الزيارة على رغم تتابع زياراتي وحبي وعشقي لهذا الركن المطمئن من وطني. هو أنها جاءت متدفقة عبر شلالات وأودية متعددة متدفقة تنهمر من أعالي جبال السراة الشاهقة نحو شرايين التنمية في كل شبر أو سهل أو جبل من أرض عسير. بلادنا امتدت إليها يد العطاء والبذل والإنفاق وخدمة المواطن في كل صقع ومكان. إلا أن «عسير» حظيت وهي «تستحق» بحظ وافر من ذلك لتبقى شاهدا حاضرا حيا على نهضة المملكة وتنميتها. لن يستطيع الزائر اللاهث في زيارة مثل زيارتي وزملائي من المثقفين والكتاب أن يلتقط أنفاسه وأصابع وأيادي الوطن تتجاذبه نحو السهل والجبل. الطرق، الكهرباء، الهاتف، التعليم، الصحة جميعها تتزاحم نحو المواطن في عسير. لقد شاهدت وزملائي ليس التطور بل القفزات المتسارعة التي تلاحق هذه المنطقة الغالية. وكنا نسأل الإخوة هناك ما الذي ينقصكم ؟ صحيح أن الآمال والطموحات لم تكتمل وهذا حق مشروع إلا أن البنية التحتية بل وجميع وكافة الخدمات الضرورية لم تستطع عوائق الطبيعة وصعوبات الأرض أن تحول دون تقديمها للمواطن هناك حيث كان. كان صوت المسؤول يصرخ سوف آتيك بالخدمة اللازمة لك فابق في جبلك واطمئن في سهلك. كانت أربعة أيام مملوءة باللهث والركض الذي رغم إرهاقه إلا أنه كان ماتعا رائعا جميلا لأنه الوطن فحسب. كنت ومازلت أقول إن بعضا من الكتاب قد يحسن ويتقن أحيانا التقاط السلبيات والأخطاء والتجاوزات. لكن مع الأسف قد يتغاضى البعض كذلك أو يغض الطرف عن المنجزات المتحققة والملموسة والماثلة اليوم. حق علينا نحو وطننا أن لا نقسو عليه كثيرا فشواهد عدله وعلامات نجاحه واضحة باهرة باسقة. وكانت زيارتنا تحوي طيفا رائعا من الأماكن السياحية والآثار والمتاحف المتناثرة والمتزاحمة في المنطقة لتعبر عن حرص شديد على المحافظة على تراث المنطقة الجميل. وهو كذلك شاهد على ما يعيشه المواطن اليوم من رغد في العيش وما كانت عليه حياة الآباء والأجداد من شظف وضيق وعناء ومشقة. الجوانب الخيرية والاجتماعية كانت حاضرة في رحلتنا في جمعية الأطفال المعوقين والمراكز الاجتماعية والأعمال الخيرية التي تنعم بها المنطقة. ما أرغب التأكيد والإشادة به هو ما شهدته شخصيا هو المشروع السياحي الكبير الناجح الذي تترقبه المنطقة بعد أيام وتم تدشين فعالياته مع باقي مناطق المملكة بحضور سمو رئيس هيئة السياحة والآثار ورعاية أمير منطقة عسير ويشعر المرء هنا أن الناس كل الناس على أتم الاستعداد لهذا الموسم المبكر الذي يترقبه الجميع بشغف شديد فهو فرصة رائعة لجميع أبناء المنطقة لاستثماره اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. هيئة السياحة لا يمكن لكاتب سمع وشاهد واطلع عن قرب عن الأعمال المنجزة والأعمال المنظمة عبر اتجاهات ومسارات متعددة نحو صناعة سياحة سعودية إلا أن يشيد ويقف احتراما لإنجازاتها القياسية. هناك قناعة كبرى وإبداع لدى جميع القائمين على مشروع السياحة في بلادنا بأهميتها وجدواها. فكنوز بلادنا التاريخية والآثارية وقبلها الدينية وكذلك الاقتصادية سيبقى أمنية لكل سائح أن يزور المملكة العربية السعودية. إلا أن الأهم في ذلك أن يحظى قطاع السياحة بالدعم اللازم من قبل الدولة كي يتعاضد مع القطاع الخاص الذي نجحت الهيئة حسبما اطلعت وشاهدت في اقتناعه بجدوى الاستثمار السياحي. شركات السياحة سارعت إلى الاستثمار وهي بانتظار فتح المجال للسياحة الخارجية بعد انتهاء التنظيمات اللازمة لذلك. كما أن تنظيم المهرجانات السياحية أصبحت وسيلة جذب هامة لاقتناص السائح السعودي. كي يبقى سائحا في وطنه وبين أهله. خصوصا أن مقومات السياحة متحققة ومتاحة فما تحظى وتنعم به مناطق متعددة وعلى رأسها مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمصائف الجميلة جميعها تتجاذب المواطن نحو جعل «سياحة سعودية». ما تحقق نحو سياحتنا خلال السنوات الماضية منجز رائع يستحق الشكر والتقدير والثناء.. رغم الصعوبات التي حصلت سابقا في إيصال قناعة الثقافة السياحية لدى المواطن بشتى شرائحه ومستوياته.