حينما غضب ابن المرزبان من الناس، ولم يحتمل خيانة بعضهم البعض كتب مؤلفه الشهير: «تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب». استعرض فيه قصص الوفاء بين الكلاب والإنسان، وبين الكلاب بين بعضها البعض، العنوان كان صادما، والأشعار التي ذكرها عديدة، من بين ما استشهد به: لكلب الناس إن فكرت فيهم أضر عليك من كلب الكلاب لأن الكلب تخسؤه فيخسا وكلب الناس يربض للعتاب وإن الكلب لا يؤذي جليسا وأنت الدهر من ذا في عذاب وابن الجهم قصته مع المتوكل مشهورة حين أراد أن يمتدحه فأنشد: أنت كالكلب فى حفاظك للود وكالتيس في قرع الخطوب أنت كالدلو لا عدمناك دلوا من كبار الدلاء كثير الذنوب تذكرت محاسن الكلاب وأنا أتابع شائعة تناول أهل جدة لكراعين الكلاب، عبر «مافيا» كبيرة تدير هذه العملية، إذ تجمع الكراعين وتعلبها وتبيعها إلى المطاعم والبوفيات، خبر صاعق طبعا أن تضرب عظمة الكلب و «تعرمش» في أطرافه ومن ثم تكرع من مرقه، مشهد يقشعر له البدن، وحين سلط الضوء على هذه القضية أعلنت أمانة جدة أنها «تجوب» المدينة للبحث في حيثيات هذه الكارثة الخطيرة، ومن هنا أتفق مع الصحافي محمد الساعد الذي اعتبر انتشار الأمراض والأوبئة كان سببه مثل هذه المطاعم التي يثق بها الناس ثقة عمياء عجيبة! حتى القطط، والحيوانات الزاحفة، والحشرات الطائرة، وظفت ضمن هذه المطاعم الضارة المقززة. حتى الكلاب المسكينة التي تتفلت وتجوب الشوارع والأحياء تم تقطيعها وبيعها! كنا نسخر من أحداث القبض على مطاعم تبيع لحوم الحمير بمصر، والآن أصبح ما نضحك عليه واقعا في مدننا. خلاصة قولي: أوصيكم بعدم الثقة بأي من هذه المطاعم، فلولا كثرة الطلب عليها لأغلقت، برجاء عدم ارتياد هذه الأماكن والاستعاضة عنها بمطاعم موثوقة لها شركاتها وفروعها وعلامتها التجارية، فلماذا تدخلون في أجسادكم من المواد ما لا تعلمون مصدره أو كنهه؟!