لم تكن الكلمة التي ألقاها سمو ولي العهد في الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري الأول لوزراء دفاع مجلس التعاون الخليجي في جدة، عادية بكل المعايير، فلقد عكست الكلمة القصيرة في زمنها والثرية في مضامينها حرص المملكة على الحفاظ على أمن واستقرار الدول الخليجية وضرورة تحصين الجبهة الخليجية من الداخل والمساهمة في تعزيز أمننا الإقليمي والسلام العالمي. كلمة سمو ولي العهد كانت ذات بعد استراتيجي أمني متعمق، حيث تطرقت للعديد من القضايا التي تعتبر من الموضوعات المصيرية التي لا تهم فقط دول المجلس بل المنطقة بأكملها، حيث أشار سموه إلى أن اجتماع وزراء دفاع الخليج يعقد في ظروف بالغة الأهمية وتهديدات متنامية لأمن واستقرار المنطقة، بغية تنسيق المواقف والخطط الدفاعية لدولنا تجاه كل مستجد أو طارئ وفق المنظور الخليجي المشترك. وازدادت أهمية اجتماع وزراء دفاع الخليج بمشاركة وزير الدفاع الأمريكي، حيث أكد الأمير سلمان أن دول المجلس ترتبط مع بلاده بعلاقات تاريخية واستراتيجية، وهذه العلاقات ساهمت في تعزيز أمن الخليج واستقرار المنطقة. الأمير سلمان تحدث في كلمته بالتفصيل عن التحديات الأمنية الخطيرة في المنطقة، والتي تأتي في مقدمتها الأزمات السياسية التي تعصف ببعض الدول العربية والسعي لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، وتدخل بعض الدول في شؤون دول المجلس، وتنامي ظاهرة الإرهاب. ومن الواضح أن البعد الأمني كان حاضرا بقوة في الكلمة، حيث أكد سموه أن التحديات الأمنية سواء كان مصدرها أزمات داخلية أو تطلعات غير مشروعة لبعض دول المنطقة، لها تداعيات ليس على دول المجلس فحسب وإنما على الأمن والسلام الإقليمي والعالمي، مما يجعل مسؤولية أمن الخليج ودوله مسؤولية مشتركة بين دوله والمجتمع الدولي. ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، على الدول الخليجية وضع قضية الحفاظ على أمن ووحدة وسيادة دول المجلس ومواجهة التهديدات الإقليمية بحائط سد استراتيجي أمني منيع لكل من تسول له نفسه التدخل في الشوؤن الداخلية الخليجية وتهديد استقرار دول المجلس، في أولوياتها القصوى، خاصة إن المتغيرات والتحديات التي تشهدها المنطقة إقليميا وعربيا تتطلب تحصين الجبهة الأمنية الداخلية الخليجية للجم التهديدات الإقليمية. إن كلمة الأمير سلمان وضعت النقاط على الحروف وعكست حرص المملكة التي كانت ولا تزال تدرك التحديات والمخاطر التي تهدد أمن واستقرار دول المجلس، وتحركت وما تزال تتحرك لتعزيز العمل الجماعي وحشد الطاقات الخليجية المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية.