في كل المواجهات التي خاضها تنظيم ما يسمى «داعش»، لم يكن النظام الأسدي طرفا فيها، فكان سلاح هذا التنظيم الإرهابي، موجها في كل المراحل والمحطات نحو الجيش الحر تارة والمدنيين السوريين تارة أخرى. «داعش» في تاريخها الحديث والقديم ولدت وترعرعت في رحم الاستخبارات السورية، وأكملت مراهقتها في رحم الاستخبارات الإيرانية والعراقية، لتظهر في صلب الثورة السورية مخربة مشوشة مؤدية لدور مشبوه لا يخدم إلا النظام السوري وعملائه. على خلفية كل ذلك، فإن مواجهة تمدد «داعش» التي تتواصل مع القاعدة، أصبحت أولوية فوق كل الأولويات لا تحتمل التأجيل ولا التأويل، فهذا التنظيم الإرهابي ومعه «جبهة النصرة» شوها صورة الثورة السورية فضلا عن دعمها لتنظيم القاعدة في اليمن وتخطيطها لإحداث حالة عدم استقرار في المنطقة. يجيء كشف وزارة الداخلية أمس الأول، عن تنظيم إرهابي يستهدف منشآت حكومية ومصالح أجنبية في المملكة وتواصل عناصر هذا التنظيم بشكل رئيس مع «داعش» وقرنائهم من أعضاء التنظيمات الضالة في سوريا، دليلا آخر على ارتباط هذه التنظيمات الإرهابية ببعضها البعض وأنهم وجوه لعملة واحدة، يسعون لإدخال المنطقة في حروب مجنونة وحرق مكتسبات الأمة. وانطلاقا من ذلك، فإن الحركات الإرهابية جميعها تمثل مفاهيم مدمرة وأدوات لاستنزاف الأمة، فهم ذرية تكفير وقتل وإرهاب بعضها من بعض، شاركت القاعدة أيديولوجيتها لتحقيق مآربهم الوحشية الاستعمارية. لا شك أن حالة الإرهاب التي تتبناها هذه التنظيمات أشد حالات الخطورة الأمنية للأوطان، إذ تقضي على ثقافة التسامح والتعددية والعيش المشترك، وتؤسس لخطاب ظلامي متعصب ولحروب وانقسامات وممارسات داخل الأمة، وتحريض وإقصاء وتهميش، وصولا إلى العنف المسلح باستباحة الأنفس والأعراض والأموال، وجميعها ممارسات خطرة تقسم المجتمعات وتهدد الأمة. وختاما، فإن التصدي لخطر هذا الإرهاب الأسود يتطلب مواجهة تمدد هذه الجماعات بتعاون عربي دولي، إذ إن الإرهاب ليس له لون أو دين أو جنسية، ومن هنا فإن الإجراءات التي اتخذتها وتتخذها المملكة للحفاظ على أمنها واستقرارها، تؤكد على يقظة رجالها، وعلى نجاحها في مواجهة هذا الفكر الضال. فالمملكة كانت ولا تزال الدولة الوحيدة التي تمكنت من اجتثاث الإرهاب ونجحت عبر ضرباتها الاستباقية في كسر شوكة القاعدة وجميع من يسعى إلى إحداث حالة من عدم الاستقرار، سواء القاعدة أو داعش أو النصرة.