يتملك أستاذ الزراعة والغابات في جامعة الملك سعود الدكتور إبراهيم عارف، هاجس القلق على الغابات في المملكة، ويسعى جاهداً للحد من جور الإنسان على أجمل المقومات البيئية والسياحية؛ لذا عمد إلى تأسيس جمعية لتأهيل الغابات وإستصلاح (العرعر) وفي حواره ل «عكاظ» أكد عارف أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وجه باعتماد مشروعه، الذي يقوم على زراعة 150 ألف شتلة من أشجار العرعر، مشيرا إلى أنه إذا استمرت منهجية تحويل الغابات إلى منتزهات ستؤدي إلى انقراض قرابة 60 في المئة من عرعر المنطقة الجنوبية، وإلى تفاصيل الحوار: كيف جاءت فكرة استزراع العرعر؟ جاءت الفكرة عندما داهمني قلق بسبب موت العرعر في بعض المواقع، وفتح طرق في الغابات، وتحويل بعضها إلى منتزهات فأخذت بذرات عرعر وزرعتها في فضاء بيت محمي، ونبتت بشكل جميل حتى تجاوز طولها مترا في عامين؛ ما أغراني بمواصلة المشروع، وبدأت الآن بستين شتلة زرعتها في أرضي في الباحة، ولا أنقطع عنها فأنا آتي من الرياض لأزورها كل أسبوعين أو ثلاثة مرة على الأقل. ماذا قال لك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، عندما عرضت عليه مشروع إعادة تأهيل واستصلاح الغابات؟ ذهبت إلى خادم الحرمين في روضة خريم منذ سنوات في معية سمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم السابق، وعندما عرضت عليه المشروع وجه باعتماده وسألني كم ستزرعون حالياً فقلت: طال عمرك مائة وخمسين ألف شتلة، فرد الملك عبدالله «العالم يزرع بالملايين ونحن نزرع بالمئات» وفي هذا تأكيد على اهتمامه -حفظه الله- بالمساحات الخضراء. ممَ أنت قلق على العرعر؟ هناك تطاول وربما غير مقصود من بعض الأمانات أو البلديات، وفي هذا جناية على العرعر، ولو استمرت منهجية تحويل الغابات إلى منتزهات سينقرض قرابة 60 في المئة من عرعر المنطقة الجنوبية، فالآن توجد حالياً حالة اليباس العلوي لشجرة العرعر؛ بسبب فتح الخطوط، وتهوية جذور، وبسبب التلوث وكربون السيارات، وأيضا إساءة الإنسان للغابة برمي المخلفات والقاذورات بعد كل نزهة، والغابة تحافظ على جمالها، وبقائها مع العناية وليس بالعبث تحت أي ذريعة وأحذر مسؤولي الزراعة في الباحة من التهاون مع المعتدين على الغابات فهي أهم مقومات التوازن البيئي، وهي جاذب سياحي ونحن نبحث عن سياحة جاذبة. كيف تنظر إلى مستقبل الغابات في المملكة؟ الغابات الطبيعية محدودة وتشغل جزءاً ضئيلاً من مساحة المملكة لا يزيد على 0.1 من مساحتها الإجمالية، إلا أن لهذه الغابات أهمية كبيرة لما لها من تأثيرات بيئية واضحة في المنطقة، التي تغطيها في جنوب غرب المملكة، وتمتد منطقة الغابات الطبيعية في المملكة من محافظة الطائف شمالاً إلى محافظة جازانجنوباً، وهي من الغابات الجافة. سوء استغلال ما فائدة الغابات؟ تعمل الغابات الطبيعية في جنوب غرب المملكة على توفير الحماية للأراضي الزراعية بالمنطقة حيث تحول دون انجراف التربة بفعل الأمطار ما يساعد على توزيع وتنظيم جريان الماء، كما أنها تزيد من مخزون الماء في باطن الأرض في المنطقة بالإضافة إلى ذلك فوجود الغابات في المنطقة يساعد على تكون السحب، ومن ثم هطول الأمطار وكانت الغابات الطبيعية في المملكة مصدراً مهماً للأخشاب اللازمة للبناء والطهي والتدفئة على مر الزمن، إلا أنها تعرضت لسوء الاستغلال والرعي الجائر والحرائق، فضلاً عن عدم العناية بها من ناحية التربية والتنمية. إلام تعزو اختلال نظام التجدد الطبيعي للغابات؟ إلى تدخل العنصر البشري؛ ما أدى إلى موت بعض الأشجار المهمة في الموقع؛ بسبب تدهورها أو وصولها إلى عمر الشيخوخة، وبذلك فقد الموقع خصوصيته ومن ناحية أخرى فالتجديد الصناعي للغابات إن وجد في بعض المواقع فإنه ليس على المستوى المطلوب، إضافة إلى أن دخول الناس إلى هذه المواقع بأعداد كبيرة وبالسيارات؛ أدى إلى اختفاء معظم حيوانات الغابة أو هروبها إلى مواقع أخرى، وتدمير مساحات واسعة من أراضي الغابات بما عليها من أشجار نتيجة للتوسع العمراني العشوائي داخل مناطق الغابات القريبة من المناطق السكنية، ومما يؤسف له أنه وزعت على المواطنين مناطق كممتلكات خاصة ومخططات حكومية تزيد نسبة الأراضي المغطاة بالأشجار فيها على 60 في المئة من مساحة الموقع. هل من حلول جذرية لمشاكل الغابات؟ الحلول ممكنة وتتمثل في إنشاء مشاتل غابية متخصصة ترتكز على مقومات سليمة في الإدارة والتخطيط ويتم منها متابعة كل العلميات التسلسلية في إنتاج الغراس بحيث نضمن تنفيذ الخطة التي تلبي الاحتياجات المطلوبة في منطقة المشتل وتأسيس بنك للبذور لجميع الأشجار النامية المحلية النامية في المنطقة الجنوبية وتوفير قاعة لحفظ المعلومات وللتعليم والتدريب المستمر وتدريب الفنيين والعمال داخل المشتل على كيفية طريق التعامل مع مختلف العمليات المشتلية.