تعتبر «الاستدامة» من المفاهيم الأساسية التي بنيت عليها قوانين المحاسبة دوليا والتي ركزت على وجوب إنتاج عوائد تكفل للشركات والمؤسسات الربحية تغطية التكاليف المترتبة عليها وتضمن استمرارها في رسالتها والوفاء بمسؤولياتها نحو عملائها ومواردها البشرية ونحو تحقيق تطلعات المؤسسين والشركاء والمستفيدين من بقاء المنشأة. وفي ظل زيادة التنافسية عالميا بين الشركات والمؤسسات والمدعوم بتفعيل بنود اتفاقية منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التكامل الاقتصادي واتفاقيات التجارة البينية، فإن التنافسية تزداد يوما بعد يوم وتشكل تهديدا لاستمرارية بعض المنشآت والتي أصبحت غير فعالة مما يتطلب من جميع شركات ومؤسسات القطاع الخاص التركيز على زيادة الإنتاجية في المستقبل من خلال التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية وتنميته والذي يشكل أحد أكبر المشاكل التي تواجهها المملكة في جهودها لتعزيز عملية التنمية الاقتصادية حسب ما نشر بدليل صندوق تنمية الموارد البشرية. ويؤكد ذلك نتائج الدراسة التي قامت بها وزارة العمل والتي أكدت فيها «انخفاض مستوى الإنتاجية في القطاع الخاص للقطاعات غير النفطية مقارنة بالاقتصادات الأخرى».. وبينت أيضا «أن الوضع الحالي للإنتاجية ينذر بالخطر ويدعو إلى ضرورة التدخل والبدء بتركيز الجهود لتحسين إنتاجية العمالة». وعليه فإن مواجهة التحديات يتطلب التركيز الفعلي على التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية ويستوجب استحداث أنظمة وقوانين للعمل تمكن مؤسسات القطاع الخاص من تفعيل جميع عناصر إدارة الموارد البشرية كما هو معمول بها في الدول المتقدمة والتي تضمن تنمية وتطوير الموارد البشرية وزيادة إنتاجيته مما يدفع عجلة النمو. وبمناسبة ذكر صندوق تنمية الموارد البشرية يتوجب علي أن أشير إلى الجهود الجبارة المبذولة من قبل حكومة والدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز صاحب الرؤية طويلة المدى والداعم الرئيسي لخطط وبرامج التنمية في المملكة والذي كلف -حفظه الله- وزارة العمل بتعزيز توظيف أبناء وبنات الوطن وتأهيلهم وتدريبهم حيث وضعت وزارة العمل عبر صندوق تنمية الموارد البشرية برامج تتضمن تكفل الصندوق بدفع جزء من رواتب الموظف السعودي المستجد (أربعة آلاف ريال كحد أعلى) يحدد المبلغ بناء على نطاق المنشأة، كما عمل صندوق تنمية الموارد البشرية على بناء جسور تواصل مع القطاع الخاص لتلبية احتياجاته من مواد تدريبية بالإمكان تقديمها داخل المنشأة ويتحمل الصندوق تكلفتها أيضا، حيث بلغ عدد المستفيدين في عام 2012م من برامج التدريب المنتهي بالتوظيف ومن البرامج المساندة لصندوق تنمية الموارد البشرية نحو 86 ألف مواطن ومواطنة بتكلفة إجمالية تقارب 2.5 مليار ريال ما ينتج عنه تحسين الأحوال الاقتصادية للمواطنين المستفيدين وعائلاتهم وعلى الاقتصاد الكلي بنسبة بسيطة جدا ولكن كل هذه الجهود.. من وجهة نظري المتواضعة.. تعمل لأهداف قصيرة المدى ولا تقترح حلولا للتحديات التي سوف يكون لها أثر سلبي كبير على الاقتصاد الوطني لا سيما بأنها تخلق نسب دوران عالية جداً أحياناً وترهلا وظيفيا محميا بالنظام أحيانا أخرى وانخفاضا في المنافسة بين القوى العاملة مما يؤثر على انخفاض الإنتاجية. وعليه أقترح ضرورة إعادة دراسة آليات الدعم بهدف تحفيز تطوير من تم توظيفهم وتوزيع مبالغ الدعم على مدة أطول مما هو معمول به حاليا حيث تضمن استمرارية الموظف وتزيد من فرص التدريب والتطوير بحيث يكون مبلغ الدعم رمزيا مع بداية التوظيف ويرتفع مع زيادة مدة التحاق الموظف بالمنشأة وزيادة إنفاق المنشأة في تدريب الموظف نسبة من راتبه الأساسي ومدى تنفيذ خطط تطوير وترقية الموظف وارتباطه بزيادة راتبه. وبهذا يتم إيجاد وتفعيل جزء من الحل المطلوب لدعم تنمية الموارد البشرية على المستوى الوطني ودعم تنفيذ الخطط الاستراتيجية لتنمية الموارد البشرية بالمنشآت المتعاقدة مع صندوق تنمية الموارد البشرية.