ولأن حالات العنف الأسري لدينا، باتت تمثل ظاهرة حقيقية، يبدو أنه لم يعد كافيا لمواجهتها، مجرد «الوعظ» و «الإرشاد»، في ظل الأرقام المفزعة التي باتت تتبادلها وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية المتعددة، بشكل أصبح يتجاوز المسموح به، ويسيء لصورة بلادنا في العالم من حولنا. ورغم أنه لا توجد لدينا إحصائيات شفافة (؟؟) حول الأرقام الحقيقية لضحايا العنف الأسري، وخاصة الزوجي منه، إلا أن ما كشفته هيئة حقوق الإنسان، بحسب صحيفة الاقتصادية، قبل أشهر، من ارتفاع نسبة شكاوى العنف الأسري في السعودية حتى نهاية عام 1434 للضعف مقارنة بعام 1433 وجاءت في مستويات مقلقة، وتعلقت أكثرها بقضايا تعنيف عاناها أطفال ونساء. لتسجل جرائم العنف أعلى مستوياتها في عام 1434 مقارنة بالسنوات الماضية، بما مجموعه 576 قضية تعنيف ضد المرأة والطفل، وكذلك ما بثته قناة (العربية) من تسجيل هروب 1400 فتاة بالمملكة عام 1412 فقط، يجعلنا نضع أيدينا على رؤوسنا، من هذا الصداع الكبير. ورغم صدور قانون العام الماضي، يمنع كافة أشكال العنف الجنسي والبدني سواء داخل المنزل أو في مكان العمل، إلا أن استمرار الظاهرة، يثير القلق على مستقبل وطن يجب أن يكون سلامه الداخلي، بدءا من منزله الصغير، ركيزة هامة، ومفصلية، من الضروري تأسيسها بوضوح، ودون ميوعة. وربما تفلح اللائحة الجديدة، التي يفترض أن يكون تم العمل بها هذا الأسبوع، من أجل تطبيق قانون يعاقب الرجل بتعويض زوجته، بمبلغ لا يتجاوز 50 ألف ريال إذا ضربها، ولا يقل عن خمسة آلاف ريال، ويلغى ذلك التعويض في حال إصابة الزوجة بعاهة، أو توفيت بسبب الضرب؛ لتصبح العقوبة كما هي مقررة شرعا.. وسيلة لردع نوازع العنف غير المبرر، ووقف التسلط بكافة أشكاله وأنواعه. وإذا صح ما ذكره مدير عام الحماية في وزارة الشؤون الاجتماعية الدكتور محمد الحربي، من أن العقوبة لن تقتصر على التعويض المادي فقط؛ وإنما تشمل السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن عام، وفي حال تكرار الضرب؛ فإن العقوبة تتضاعف، وتندرج تلك العقوبة تحت مظلة نظام الحماية من الإيذاء، الذي تم اعتماد لائحته التنفيذية أخيرا، فإن هذا يمكن أن يؤطر لمجتمع بلا عنف، طالما أن وسائل الوعظ والإرشاد لا تكفي. ربما يكون آخر العلاج الكي.. وأحيانا البتر، هو الرادع لمن لا يسمعون نصيحة، ولا يقبلون غير القوة، والعنف.. والبادي أظلم .! آخر سطر صدقوني أن الرجل هو الرأس.. ولكن المرأة هي التي تديره .. أحيانا.