اعتبر أمير منطقة عسير فيصل بن خالد أن العنف الأسري لم يصل إلى كونه ظاهرة رغم كثرة قضاياه في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن ما يطرح في الإعلام من قضايا بعضها لا يعكس الواقع الاجتماعي والديني الذي يوصينا بحسن التعامل مع الأبناء والزوجات. وقال أمير عسير خلال تدشينه مساء أمس الأربعاء ملتقى "العنف الأسرى.. الواقع والمأمول": "هناك بعض الصحفيين - وليس كلهم - هدفهم السبق الصحفي دون التأكد من مصادر الخبر وتوثيق معلوماته".
وتابع: "مثل هذه الأمور تنعكس سلباً على معالجة مثل هذه القضايا، والإعلام له دور كبير في إصلاح الأخطاء، كما أن الإعلام رافد مهم من روافد التنمية، ولكن بتبيان الأمور على حقيقتها وتوضيحها للقارئ أو المستمع، وهذا ما سيجعلها بالتأكيد ستنعكس إيجاباً على حل العديد من القضايا".
وأضاف: "يجب على الإعلام أن يبين العنف الأسري على حقيقته دون مبالغة للبحث على عناوين الإثارة، كونه شريكاً مهماً في محاربته والقضاء عليه".
واعتبر أن "الملتقى مهم جداً؛ لكونه يعالج مشكلة خطيرة جداً، وهي (العنف الأسري)، وأتمنى أن تكون توصيات هذا الملتقى حلاً للكثير من المشكلات التي تعترض مسار الحياة المطمئنة الآمنة، وأن نجد هذه التوصيات مطبقة على أرض الواقع".
وقال: "نحن بلد عربي مسلم، وديننا الإسلام وسنة نبينا الكريم تحثنا على التسامح وعلى الرفق والتعامل الطيب مع الأبناء والزوجات ومع الأيتام ومع كل شرائح المجتمع".
وأضاف: "أصبحنا نسمع كثيراً عن قضايا العنف الأسري في الأعوام القليلة الماضية، وأتمنى ألا تتطور في قادم الأيام لتصبح ظاهرة، وأن نتكتل كمؤسسات الدولة في إبراز مخاطر هذه القضية، من خلال الملتقيات والندوات والبحوث، كما يحدث في ملتقانا هذه الليلة، وهو ما يحد من عدم انتشارها أكثر ووضع حلول جذرية لمعالجتها".
ووجه رسالة للآباء والأمهات في محاربة هذه القضية، وهي ضرورة التسامح واتباع ما أوصانا به ديننا الحنيف في جانب الرفق مع الأطفال والزوجة.
وكان أمير عسير شهد توقيع اتفاقية هيئة حقوق الإنسان مع كل من مجلس شباب منطقة عسير واللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم (تراحم) والمجلس التنسيقي للجمعيات الخيرية بمنطقة عسير.
وقال المشرف على فرع هيئة حقوق الإنسان بعسير الدكتور هادي بن علي اليامي: إن هيئة حقوق الإنسان سجلت السنة الماضية أعلى مستويات العنف الأسري، إذ بلغت الشكاوى والحالات المسجلة لديها 576 قضية تعنيف ضد المرأة والطفل مقارنة ب292 شكوى وحالة لعام 1433ه، فضلاً على تسجيل وزارة العدل ل108 قضايا عنف أسري وإيذاء خلال العام الماضي، إضافة إلى 409 حالات عنف سجلتها لجان حماية الأسرة في الشؤون الاجتماعية ليصبح الإجمالي 1093 حالة خلال العام بمعدل ثلاث حالات عنف وإيذاء يومياً. واعتبر "اليامي" أن "مسارعة الدولة في استصدار نظام الحماية من الإيذاء جاء مواكباً للجهود المبذولة في هذا الصدد بهدف منع وتجريم كل أشكال العنف، سواء داخل المنزل أو في مكان العمل، وجميعنا يترقب إصدار اللائحة التنفيذية الخاصة بهذا القانون لبدء تطبيقه فوراً؛ لأن استصداره يأتي متزامناً مع ارتفاع جرائم العنف الأسري في المملكة".
وأعرب رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان عن مدى سعادته باحتضان منطقة عسير لملتقى "العنف الأسري" في ظل الرعاية الكريمة من أمير عسير، وأكد أن الملتقى يكتسب أهميته من رعاية أمير المنطقة ومشاركته الفاعلة فيه.
وقال "العيبان": "العنف الأسري أخطر أنواع العنف، وقد حظي هذا النوع من العنف بالاهتمام والدراسة، كون الأسرة هي ركيزة المجتمع وأساس بنائه ونجاحه، وعادة ما يكون ضحايا العنف هم الأفراد الأضعف في الأسرة ممن لا يستطيعون أن يصدوا عن أنفسهم الأذى، وخاصة المرأة والطفل وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، وتعود الأسباب في ذلك إلى عوامل متعددة ومرتبطة بكيان الأسرة تكويناً وحجماً وظروفاً اجتماعية وتعليمية وغيرها، وإلى عوامل مجتمعية خارجة عن نطاق الأسرة".
وأضاف أن "العنف الأسري نظراً لظهوره كقضية اجتماعية فقد حاز على اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله كغيره من هموم المجتمع التي يوليها - حفظه الله - كل اهتمامه، وقد وجه أيده الله بدراسة المشكلة بأبعادها المختلفة، حيث سنت الكثير من الأنظمة والسياسات لمعالجتها، وكان آخرها الأنظمة العدلية، وأنشئت المؤسسات والهيئات الحكومية ودعمت الجمعيات الأهلية، وصولاً إلى إصدار نظام الحماية من الإيذاء كنقلة نوعية تهدف إلى مكافحة العنف الأسري وتجريم ممارسي هذه الجرائم الشاذة غير السوية".
وعد "العيبان" إقامة مثل هذا الملتقى نتيجة لما رصدته الهيئة من حالات عنف متزايدة، وهو بهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان ونشر الوعي داخل الأسرة بأهمية التوافق والتفاهم والحوار، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تماسك الأسرة وحماية أفرادها والتعامل مع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة في تطبيق الأنظمة.
وعبر عن التطلعات من خلال هذا الملتقى إلى إقامة حوار تفاعلي بين المؤسسات الأهلية والجهات الحكومية للوصول إلى توصيات محددة تسهم في علاج هذه القضية.
وشدد على أن مشاركة وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها تعد ركيزة مهمة في نشر الوعي والثقافة بمخاطر العنف الأسري في المجتمع.
كما أعرب عن تطلعاته الكبيرة في إسهام المعلمين والمعلمات في المدارس لنشر المفاهيم التربوية القيمة من رحمة وتسامح وعدل والمحافظة على حقوق الإنسان.