أحد المعارف أطلق على ابنه اسم (السموأل)، وقد انتقده بعض أقاربه وعاتبوه على هذه التسمية، على أساس أنه يقترن باسم رجل يهودي، وعندما أتاني يشكو إلي همه من موقف أقاربه، لم أملك إلا أن أبارك له بهذا الاسم، موضحا له أن (السموأل) ذاك كان من أفصح العرب وأشجعهم في الجاهلية، قبل البعثة المحمدية، وضربت له مثلا من شدة وفاء ذلك الرجل، عندما قدم عليه (امرؤ القيس)، وكان ذاهبا في رحلة طويلة، وأمنة على مجموعة من الدروع، وإن عاد أخذها منه، وإن قضى نحبه فهي له. ويقال إنه بعد مرور مدة بلغ ذلك بعض فرسان البدو فأتوا السموأل يطلبون الدروع فأبى تسليمها، وبما أنهم كانوا كثيري العدد واعتمدوا إهلاكه إلتجأ إلى حصنه وفي اليوم الثاني ألقوا القبض على ولده الوحيد وبعثوا إليه قائلين: إن ولدك عندنا رهينة الدروع، فإن لم تبعث إلينا بها نقتله، فأجابهم بقصيدة طويلة خلاصتها عدم إجابة طلبهم فأعدموا ابنه.. انتهت الرواية. ويبدو أن حفيدته المدعوة ب(غولدامايير)، قد تشربت بهذا المبدأ، وأرادت أن تسير على نفس منوال (السموأل)، وفي ذلك الوقت من السبعينات، وفي عز الهياج الفلسطيني، وفي عز الاختطافات والمساومات، قالت لأعضاء مجلسها من الوزراء: لو أنني شخصيا اختطفت وساوموكم على الفدية أو قتلي، فلا توافقوا نهائيا، واتركوهم يقتلوني، لهذا لم ترضخ إسرائيل ولا مرة واحدة لتلبية مطالب الخاطفين، والدلالة على ذلك أنها ضحت بأحد عشر رياضيا من خيرة رياضييها إبان الدورة الأولمبية في (ميونخ) دون أن توافق على مطالب الخاطفين. والآن خطر على ذهني رواية تروى وهي صحيحة وتدل في مغزاها على حب الحياة فيقال: إن (فلانا) من الناس كان يعيش في إحدى قرى نجد مع والدته العجوز المحبة له، وكانت لا تتعب في كل يوم وهي تردد على مسامعه قائلة: يا جعل يومي قبل يومك يا وليدي. وأراد ولدها الخبيث أن يختبرها يوما، فأتاها متنكرا في ليل أظلم وهي نائمة، وأخذ يهزها قائلا لها: أنا (عزرائيل)، هل تريدنني أن آخذ روحك أم آخذ روح ولدك؟!.. فأجابته قائلة وهي تتراعد: دونك وليدي، فهو ينام في الغرفة المجاورة. كم أنا معجب بصدق وتلقائية وعفوية تلك العجوز، وأقسم لكم بالله لو أن (عزرائيل) هذا أتاني يساومني على أن يأخذ روحي أو يأخذ أرواح البشر جميعا، لقلت له بدون أي تردد: عليك فيهم كلهم، وأول ما تبدأ أبدأ بأصحابي، وأخص بالذكر أبو أمجد، وأبو الوليد، وأبو سراج، وأبو خليل، وأبو علي، و (المستشار)، وقبلهم جميعا المدعو (عدوله). ولم أذكر بقية الأصحاب الذين هم كانوا على شيء قليل من الخلق.