عندما اختارني الأستاذ حسن عبد الحي قزاز رئيس جريدة «البلاد» عام 1381ه لتولي سكرتارية تحرير الجريدة نقلا من إدارة مكتب البلاد بمكة والتي تولاها من بعدي الأستاذ عبدالله الداري اختار لي الأستاذ عبد الغني قستي، رحمه الله هو والأستاذ القزاز ، سكنا في شقة بعمارة باقبص بحارة البحر (سرة البلد) وكان تحت العمارة مقهى بلدي يجمع بعض الأفذاذ من الرجال الجدادوة. وذات يوم زارني الأخ عبد العزيز فرشوطي وكان يومها يشغل منصب سكرتير مجلة «الأضواء» وبعد أن استضفته بكاسة عصير في الشقة قال لي : تعال نخرج للهواء الطلق فتحت العمارة مقهى أعرف فيه مجموعة تعجبك. وفعلا نزلت معه، وفي مركاز القهوة تعرفت على مجموعة من الرجال كان أبرزهم الشيخ محمد درويش رقام الذي توطدت علاقتي به لما كان يحكيه من طرائف الروايات وبأسلوب أنيق. ومرت الأيام .. ودارت الأعوام ومضى كل منا في طريقه حيث عدت لمكة بعد أن تسلم الأستاذ عبد المجيد شبكشي رحمه الله رئاسة تحرير البلاد عندما تحولت الصحف إلى مؤسسات، ثم لما عدت إلى جدة مستهل عام 1384ه بقيام مؤسسة عكاظ حيث شغلت منصب مدير التحرير لمدة عام كان خلاله رئيس التحرير الأستاذ محمود عارف رحمه الله الذي تسلمت منه رئاسة التحرير بعد انتهاء مدة استعارته من مجلس الشورى، فانهمكت في العمل لأن كل أسرة عكاظ لم يزد عدد أفرادها على خمسة أشخاص بما فيهم الأستاذ عبد العزيز الفرشوطي الذي اشتغل معي سكرتيرا لمكتبي وبالانهماك في العمل لم أتذكر الشيخ محمد ومضت السنون حتى كان هذا العام عندما زارني الأخ الفرشوطي في المستشفى ، قادما من تبوك وقال : يهديك تحياته الشيخ محمد الرقام فسألته عن رقم هاتفه واتصلت به على الفور لأستعيد ماضيا من خلال الهاتف فهو لا يخرج من البيت وأنا ما بين البيت والمستشفى. ومن التواصل المستمر ذكر لي أنه يكتب في مجلة ( الروشان) فظللت أتابعها حتى العدد الأخير الذي كتب فيه موضوعا عن الأستاذ الهنداوي وقصيدة (اليتيمة) ذكر فيه بيتا من الشعر قال إنه من القصيدة التي هي يتيمة ويقول مطلعها : ( هل بالطلول لسائل رد ) والواقع إن هذه القصيدة المسماة باليتيمة هي للشاعر دوقلة المنبجي .. أما البيت الذي أورده الشيخ محمد درويش رقام فإنه لم يكن من ضمن القصيدة، ولا أظن أن الشاعر دوقلة لو بعث سيرضى أن ينسب إليه البيت المذكور، وإنها مناسبة لتقديم الشكر للشيخ محمد درويش رقام على تقبله التصحيح فإني أعرفه من الذين يحبون الحق ولو كان مرا. السطر الأخير : يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده