في البدء اوجه شكري للاستاذ صالح العمودي على اهتمامه بالموضوع الذي نشره في جريدة المدينة مستضيفاً عبره ذاكرة العم محمد رقام بتاريخ 28 مايو 2009م حول المبادرات الاولى لتعليم الإنجليزية في مدينة جدة المعمورة. وقد استثارني ما بعثرته ذاكرة الرقام دون توثيق في هذا الصدد بدءاً بعنوان الموضوع وهو(النشار أول من تعلم الانجليزية وعابد شيخ افتتح أول معهد) وهو عنوان يفتقد الى الدقة والموضوعية لأن الرقام عجز عن تذكر اسم الكلية التي تعلم فيها النشار مثلما عجز عن تذكر اسم المعهد الذي افتتحه عابد شيخ.. وتلك من سمات ممارسة ذاكرة الرقام التي تبعثر محفوظاتها عبر سطور المواضيع التي ينشرها في جريدة المدينة ولا يصبها في أوعية محددة بهدف تمام الاستفادة منها.. فذاكرة الرقام انتهجت في ذلك المبحث اعطاء الاولوية لاسماء الاعلام دون تحديد اعمالهم او انجازاتهم.. فاشارته مثلا الى أولوية دراسة محمد نشار للغة الانجليزية تكتنفها ظلال من المبالغة والسبب في ذلك يعود الى مدينة لاتعرف منطلقاً غير الانفتاح على العالم مثل مدينة جدة يصعب فيها تحديد الريادات بالكلمات لأن ذلك لا يستوىي الا بالتواريخ والانجازات... فقد كانت جدة يومذاك عاصمة تجارية تتزاحم في اسواقها الوكالات الملاحية والبيوت التجارية وتتسابق الشركات البريطانية خصوصاً على التواجد في اسواقها ولعل من اقدمها شركة (جلاتلي هنكي 1884م) هذا الى جانب ان معظم الشركات الاجنبية كانت تتخذ من الانجليزية لغة للادارة والتفاهم.. بالاضافة الى ما كان يفرزه تزامن عودة المبتعثين الاهليين الكثر - الى كلية غوردون بالخرطوم - الى جدة والذين كان من بينهم محمد نشار ,احمد عشماوي وابراهيم اسماعيل زهران وهو مالك أول بنك تجاري في المملكة ( فيما بعد). ان كل هذه المعطيات تعني ان اللغة الانجليزية كانت لغة مألوفة لدى اهالي جدة.. الى حد ان مسميات بعض المواقع كانت معروفة باللغة الانجليزية مثل الكنداسة عن (كوندنسر) بمعنى تحلية والبنط عن (بونط) اي المرسي الضحل وسقالة تتشن عن (توتشل) وهو المرسي المخصص لتفريغ المحروقات. وكانت المفردات الانجليزية المنطوقة متداولة ايضا في احاديث اهالي جدة اليومية ومن ذلك اذكر على سبيل المثال: * كبك (ن كف لنك) ودركتر (عن تراكتور) وونيت(عن واجنت) وكفراستبن (عن استب إن تاير) والكلمتان الاخيرتان عن الانجليزية المندثرة وايضا كلمة ريويس بمعنى (العودة الى الوراء) (عن ريفيرس) وتنتريون) عن تنكتشر أوف ايودين) أو صبغة يود وشيرنقه عن (سيرنج) بمعنى حقنة وسبيرتو عن اسبرت بمعنى كحول واسفنيك عن (ديس انفكتانت) بمعنى مطهر او معقم الى غير ذلك من الكلمات الانجليزية المعربة نطقاً. وقبل الانطلاق الى توثيق الريادات الست الاهلية المنظمة لتعليم الانجليزية في جدة التي اقبتستها مما سبق ان دونته حول الريادات الاهلية لتعليم الانجليزية في جدة في النصف الثاني من (ق 14ه) استأذن القارئ في التعليم على افادتين بعثرتهما ذاكرة العم محمد رقام في سياق الموضوع وهما: * الاشارة الى ترؤس عرفان محمد عبدالله الموظف السوداني لشركة القناعة للسيارات في جدة.. واؤكد للقارئ ان شركة القناعة للسيارات قد أسست في مكة مناصفة بين كل من الشيخ محمد سرور صبان والشيخ محمد الطويل وقد تولى ادارة الشركة في جدة الشيخ الاديب محمد علي مغربي يرحمه الله اما عرفان عبدالله فقد كان يشغل وظيفة سكرتير في مكتب الشركة وليس رئيساً لادارة الشركة. * الاشارة الى قيام عابد شيخ بتأسيس معهد للغة الانجليزية في عام 1954م (1375ه) حيث ذكر ان من بين الطلبة (اكرر الطلبة) الذين التحقوا بالمعهد في ذلك التاريخ الطالب يوسف محمد بنان ومن المؤكد ان ذاكرة العم محمد رقام قد خذلته كالعادة فخلط بين ريادة عابد شيخ الاولى (مدرسة عابد شيخ) في حارة المظلوم وريادة عابد شيخ الثانية (معهد النجاح) في شارع بن زقر. ولايضاح هذه الجزئية فانني اورد ما اكده لي اخي عبداللطيف حامد ابو زنادة حول زمالته للسيد يوسف بنان بمدرسة الفلاح في منتصف الستينيات (1365هت) وكيف زامله ايضا في مدرسة عابد شيخ لتعليم الانجليزية في المظلوم بعد تخرجهما في مدرسة الفلاح. ويؤكد ابو زنادة ان معرفته بالانجليزية التي اكتسبها من الدراسة في مدرسة عابد شيخ في المظلوم قد مكنته من اجتياز اختبار اللغة الانجليزية المؤهل للانضمام للبعثة العسكرية السعودية الاولى في عهد الملك عبدالعزيز ووزارة صاحب السمو الملكي الأمير منصور بن عبدالعزيز وزير الدفاع والطيران يومذاك. وبالفعل سافر المبتعث العسكري عبداللطيف ابو زنادة الى الولاياتالمتحدةالامريكية لدراسة العلوم العسكرية في عام 1368ه (اكرر الف وثلاثمائه وثمانية وستين هجرية).. بينما اتجه يوسف بنان الى العمل في القطاع المصرفي في ذات التاريخ. وفي هذا ما يؤكد ايضا ان ذاكرة محمد رقام قد اسقطت سهواً اكثر من عشر سنوات من عمر السيد يوسف بنان وزملائه في مدرسة عابد شيخ بحارة المظلوم.