في منتدى جدة الاقتصادي الأخير، والذي يعتبر تظاهرة ثرية، رغم انتقاد البعض له في كل مرة. استمعت إلى مداخلة عميدة كلية الأعمال بجدة الدكتورة نادية باعشن حول برنامج حافز الذي انتقدته وطالبت بوضع حلول أخرى للقضاء على البطالة وتوفير فرص عمل للشباب والشابات بعيدا عن الدعم المالي والمتمثل في مكافأة حافز، مبينة أنه يساعد على الكسل والاتكال وعدم التحفيز للبحث عن العمل وأنه بمثابة هدية للعاطلين. متسبب في نوم جيل بأكمله، مطالبة بإعادة النظر في البرنامج، وأنه لا بد من وضع حلول أخرى لمعالجة البطالة بدلا من (حافز) الذي أثبت فشله، خصوصا أن العاطلين عن العمل من النساء وصلت نسبتهن إلى 60%، بمعنى أن من بين كل 10 نساء هناك 7 عاطلات، ما يشكل خطرا على المجتمع. وقد أصابت الدكتورة باعشن في انتقادها حافز الذي تتضخم أرقام المنتسبين إليه سنويا دون فائدة. إن أحد البدائل لحافز قائم وموجود، ومن الممكن تطبيقه في مؤسسات الدولة وفي القطاع الخاص والبنوك التي ما زالت واقفة موقف المتفرج من برامج التأهيل والتدريب، فعلى سبيل المثال تقوم مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بتطبيق العديد من البرامج التأهيلية للسعوديين والسعوديات يتم استقطابهم لبرامج تتراوح مدتها بين السنتين وأكثر، يحظى فيها المتدربون من حملة الثانوية والبكالوريوس بدعم غير محدود في مختلف المستويات الأكاديمية والشخصية والمهنية، إضافة إلى أن المتدربين يستلمون راتبا شهريا مع بعض المميزات لقاء تدريبهم ودوامهم وانخراطهم في العمل بدلا من إعطائهم راتبا من حافز على فراغهم وبطالتهم وتعودهم على الكسل والنوم. فهذه البرامج التي تضعها مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث تعودهم على العمل والارتباط بدوام يومي ليتخرجوا في نهاية البرنامج مؤهلين لسوق العمل الذي يتطلب المزيد من المهارات والخبرات والتفوق العلمي والعملي، يتلقى المتدرب في هذه البرامج دورات تدريبية مكثفة على أيدى مدربين مهرة. فمن ضمن هذه البرامج قامت مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث قبل ستة أعوام بالتعاقد مع كلية نياغرا الكندية لتبدأ مع السعوديين والسعوديات برنامجا تدريبيا يجتاحه سوق العمل، وهو برنامج السكرتارية الطبية وما زال هذا البرنامج مستمرا رافدا المؤسسة وسوق العمل الصحي بمهارات فنية وطنية مدربة تجيد السكرتارية بأنواعها، إضافة إلى تعليمهم مهارة التخاطب وبناء الفريق والثقافة والتواصل ومهارات إدارة الوقت وإدارة الجهد وغيرها يستطيع معها المتخرج من الانضمام للمؤسسة في الرياضوجدة ليحل محل الوافد الذي أعطى ما لديه وأخذ ما يستحقه، إضافة إلى برنامج التصوير بالأشعة بالتعاون مع جامعة لوما ليندا الأمريكية، وبرنامج تقنية الأوعية الدموية، وبرنامج تقنية التخدير، وبرنامج التدقيق الداخلي، وبرنامج الترميز والسجلات الطبية، وبرنامج فني العلاج النفسي، وبرنامج منسق بحوث طبية، وبرنامج التعقيم الطبي، وبرنامج السكرتارية التنفيذية، وبرنامج تقنية التخدير، وبرنامج المراجعة الداخلية، وبرنامج التمريض القياسي عن بعد، وبرنامج الفسيولوجيا العصبية، وبرنامج توريد وتوزيع الإمدادات المعقمة وغيرها. وهؤلاء الخريجون من هذه البرامج مطلوبون لسوق العمل تحتاجهم المؤسسات الصحية؛ نتيجة لتوسع القطاع الصحي وتمدده على خارطة الوطن وحاجته إلى الأيدي العاملة المدربة الماهرة في التعامل مع التطورات التكنولوجيا المتسارعة في المجال الصحي التخصصي وغيره. لقد سخرت مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث نفسها من أجل تطوير مثل هذه البرامج المميزة، هادفة إلى تقديم الخدمات المطلوبة المدربة لسوق العمل، ولا سيما أن عدد الخريجين سواء كانوا من حملة الثانوية العامة أو البكالوريوس في زيادة مستمرة عاما بعد عام لا يجدون أمامهم وظائف تستوعبهم، وحافز ليس الحل، فكان لا بد لمثل هذه البرامج أن تأخذ مكانها استشعارا من هذه المؤسسة الكبيرة والقائمين عليها بالمسؤولية الوطنية تجاه أبناء وبنات الوطن من أجل السعودة والإحلال، وهي أيضا موجهة لباقي المستشفيات الأخرى، ولو أن بقية مؤسسات الدولة وشركاتها والقطاع الخاص والبنوك قاموا بعمل برامج مماثلة تؤهل بها الخريجين لسوق العمل، خصوصا أن مخرجات الجامعات بعيدة عن متطلبات هذا السوق واحتياجاته. بعيدا عن التحزب ضد المرأة المحرومة من (27) نشاطا من أن تجد لها تدريبا وعملا مجديا، بدلا من تقديم راتب حافز للعاطلين والنائمين تؤصل بطالتهم وتطول سباتهم. لا بد من الاستشعار بأهمية المسؤولية لتتكاتف الجهود الوطنية المخلصة من أجل الوطن وأبنائه، ويتم وضع برامج تدريبية بمكافأة شهريه لينخرطوا بعدها في سوق العمل، كما فعلت مؤسسة مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، يؤكد مسؤول صندوق الموارد البشرية/ إبراهيم المعيقل من أنه لا بد للمنشآت الحكومية والقطاع الخاص أن يلحقوا المواطنين بها وتدريبهم على رأس العمل، فلا يوجد موظف جاهز، بل موظف مستعد للتدريب، والمنشآت لديها القدرة على القيام بذلك. وليعلم الجميع أن أبناء الوطن وبناته لديهم القدرة على العمل والإبداع إذا ما أتيحت لهم الفرصة المناسبة، ويكفينا تجاهلا وتحايلا تجاه هذا الملف الوطني الأهم، وحق العمل مكفول للجميع، ولا داعي لأن تتدخل أي جهة لتفرض قناعاتها الخاطئة على عمل المواطن أيا كانت جنسيته.