الحياة قاسية ولا تخلو من الصعوبات.. وصعوبتها تختلف من شخص لآخر، ولا يوجد إنسان على وجه الأرض لم يمر بصعوبة وتعاسة معينة، ولكن الأمر يختلف كثيرا عندما يكون أحد أفراد اسرتك مصدر هذه التعاسة، وهذا ما تعرضت له الطالبة الجامعية التي رمزت لاسمها ب«صابرة».. قالت صابرة في بداية حوارها ل«عكاظ»، كنت أحلم مثل غيري بأن أكمل تعليمي وأصبح فردا ذا شأن في المجتمع، وأن أتزوج بشخص يحبني ومستعد لتكوين أسرة مثالية معي، ولكن أحلامي هذه قتلت في مهدها بسبب أبي أمي. • وكيف ذلك؟ أنجب والدي ثلاث بنات، ثم ابنا ذكرا وهو أصغرنا، حيث غرس والدي داخله (أي أخي) انه هو رجل المنزل والمتحكم به وبمن فيه، وببلوغه سن السابعة أصبح يتحكم بالمنزل وبنا وبأمي، وبكل ما في المنزل باعتبار انه رجل المنزل ومن هنا بدأت المشكلة. • وما المشكلة في ذلك؟ المشكلة تقلص دور ابي وأمي وتلاشى، وأصبح طفل السابعة يتحكم في الأمور بعشوائية وفخر، بل كان يمد يده لضربنا ونحن أكبر منه سنا، فأنا ولدت قبله مباشرة بعامين ونصف وبالرغم من ذلك يضربني ويضرب اخواتي وتفاقم الوضع حتى انه اخذ يقرر مصائرنا. • وكيف لطفل في السابعة بوجود الوالد يحدد مصائركن؟ حدث هذا، لأن والدي منحه تلك الصلاحية وأمي لا حول لها ولا قوة، وعندما بلغت اختي الكبرى المتوسط قرر أن عليها ترك الدراسة وأن تتزوج من يتقدم لها، فشكت لأعمامي فحدثوا والدي فقال لهم لن أكسر كلام ولدي، فهو رجل البيت من بعدي فرد عليه أحد اعمامي من بعدك وليس في وجودك، ونحن نعيش زمنا تعد فيه الشهادة سلاحا للفتاة، كما هي سلاح للفتى ولكن والدي أبلغهم بأنه حر في ابنائه ولا يريد التدخل من أحد. • وهل تزوجت اختك؟ لسوء حظها تقدم لخطبتها شخص فوافق اخي كما وافق ابي، وعندما وصلت اختي الثانية للصف الثاني المتوسط قرر اخي أن عليها أن تتوقف عن التعليم وحصل على مراده، وكان وقتها قد بلغ سن العاشرة وزادت سلطته وظلت اختي لعامين في المنزل، وأنا افكر كيف سيكون حالي عندما أصل لهذه المرحلة، وقد زاد اخي في جبروته وكان يضربنا لأي سبب ووالدي صامت وكأننا في عصر الجاهلية، ولحسن حظ اختي تقدم لها عريس فوافق اخي وابي وتزوجت وجاء دوري. • وماذا حدث معك؟ بدأ اخي يسلك طريقا غير سوي رغم انه لم يتجاوز الحادية عشرة، ووالدي لم يحرك ساكنا وبدأ تسلطه يزيد خاصة انه لم يظل احد في المنزل غيري وأمي، وقد ابلغ احد الجيران والدي بأن اخي لا يذهب للمدرسة لأن ولده في نفس المدرسة وأن إدارة المدرسة قررت فصله، وعندما ابلغ والدي اخي انكر واتهم جارنا بالكذب، وكان يود الذهاب له لضربه ولكن والدي منعه، وكنت انا وقتها في الصف الثالث متوسط ولا أعرف كيف وصلت لهذه المرحلة، فكانت ردة فعل اخي بأن قرر ان اتوقف عن الدراسة فاخبره والدي بان يتركني أكمل العام وكنا في نهاية الفصل الدراسي الأول، فضربني اخي وخرج من المنزل وتبعه والدي فكانت فرصتي. • وما تلك الفرصة؟ اتصلت بخالي وهو الأكثر من بين اخوالي حبا لي، وكان رافضا ما يحدث جملة وتفصيلا حتى انه كان ينصح والدي كثيرا، وفي احدى المرات احتد مع والدي فطرده من المنزل حتى لا يسمع منه إرشادات أكثر، وتحدثت مع خالي في غفلة من والدتي وأخبرته بكل شيء ورجوته ان يتدخل ثم اغلقت الخط حتى لا يداهمني أحد. • وهل تدخل خالك؟ كان خالي يمتاز بالقوة والهيبة، فهو لا يخشى احدا في الحق فحضر فورا وعند حضور اخي فوجئ بوجوده فسأله ما الذي احضرك وقد طردت من المنزل، فما كان من خالي الا أن صفعه على وجهه وأسكته، ثم حضر والدي وبدأت المعركة فهدد خالي والدي وقال له اذا لم تكف انت وابنك سوف اشكوك للمحكمة وأسحب الولاية منك ومن ابنك، والاولى ان تنظر في حال ابنك وتقومه، وقال له «منذ اليوم سوف احضر يوميا لأرى حال اختي وابنتها وإن مسهما شيء من ابنك او منك سوف اشكوكما». • وما كانت ردت فعل والدك؟ كان لتهديد خالي اثر كبير، فقد سكن الرعب في داخله لأنه يعرف انه على خطأ، كما ان خالي تصرف تصرفا ذكيا حيث ذهب لمدرسة اخي وعرف انه فصل بسبب تغيبه وسلوكه السيئ وأخذ يسأل الجيران فالجميع شهد بسوء تصرفات اخي وفي الصف الاول ثانوي لي عرف خالي ان اخي ادمن المخدرات فقويت حجته وواجه والدي بذلك، بعدها لم يرتفع صوت اخي علي أو على امي وأصبح خالي يمر علينا بشكل يومي حتى انهيت الثانوية والتحقت بالجامعة قسم لغه انجليزية، وكان اخي تعمق في الادمان حتى أن والدي ذهب لخالي ليطلب منه التدخل فرد عليه خالي وقال له هذا ما صنعته بيدك فعالجه أنت، وبسبب مشاكل أخي المتزايدة طرده والدي من المنزل وعشنا أنا وأمي وأبي حياة آمنة تحت حماية خالي وحققت حلمي بأن اكمل تعليمي.