هل هو صحيح أن الإنسان الجديد هو (كالشاهي)، لا تظهر قوته الحقيقية إلا إذا وضع في ماء ساخن ولا أقول مغلي؟! أعتقد أن هذا صحيح، فمجرد ذهابك للمسجد فقط، لا يعني تلقائيا أنك متدين وطاهر الذنب، إن لم تكن صاحب ضمير حي، ونية صافية، وعمل صالح، وتركك للقيل والقال، فكم هم الذين من هذا النموذج؟! تماما ومع الفارق ، فلا يعني أنك لو ذهبت إلى (كراج) السيارات، أن تتحول أنت بقدرة قادر إلى سيارة!! ويكرم المسجد عن (الكراج)، ولكنه مجرد ضرب مثل. ٭٭٭ ما أكثر الأصدقاء (الهلافيت) الذين يلبون دعوتك سريعا حين تدعوهم في أيام المسرات، أما الأصدقاء الحقيقيون هم الذين يأتون إليك أيام (الضراء) حتى دون أن تدعوهم، وهذا هو ما لمسته فعلا لا قولا. ٭٭٭ بدأت فقراتي هذه بضرب المثل بالشاهي، ودعوني الآن أن أتطرق للقهوة التي يخرم عليها رأسي أحيانا، فهل تعلمون أن اسمها هو من مسميات الخمر والعياذ بالله ؟! هذا مؤكد، ولكن ما علينا، ولكن أيضا هل تعلمون أنها كانت محرمة؟! وفي القرن العاشر الهجري صدر كتاب اسمه: (عمدة الصفوة في تحريم القهوة)، وعلى هذا الأساس أفتى شيوخ الأزهر بتحريمها، كما أن شيوخ الحرم المكي الشريف أفتوا بذلك، وعاقبوا كل من يشربها معتقدين أنها مسكرة، وأخذوا يحرقون كل ما وجدوه منها عند الباعة الذين كانوا يهربونها خفية، وجرجروا بالساحات باعتها من لحاهم قبل أن يوسعوهم ضربا بالنعال. واليوم يا سبحان الله أصبحت (سهود ومهود)، فما أسهل عليك الآن من أن تطلب من أي (ستاربكس) قهوة (اكسبرسو) أو فنجان (سكر زيادة)، أو حتى (كبوتشينو)، وتشربها وأنت مطمئن ورجال الهيئة يمرون من أمامك مرور الكرام، بل إن بعض المشايخ حفظهم الله أصبحوا مدمنين عليها. ورحم الله الشاعر الشعبي القديم الذي كان يحب شرب القهوة على شرط أن تكون مبهرة بالهيل، وذلك عندما قال: (الدلة) أي وعاء القهوة : الدلة اللي ما تبهر من الهيل / مثل العجوز اللي خبيث نسمها ويبدو أن ذلك الشاعر كان صاحب مزاج رايق كحالاتي . ٭٭٭ لست أنا ولكن أحدهم قال لي: كنت أقابلها وأحاورها، ولم أقل لها، وهي لم تقل لي كذلك خلال تلك المحاورة الطويلة ولا حتى كلمة واحدة. وهكذا انتهت مقابلتنا ومحادثتنا الصامتة والرائعة والحميمة. ثم افترقنا وكل واحد منا يمسح عرقه وهو (يلهث) من شدة الانفعال والتعب.