في الوقت الذي كان فيه مجلس الأمن الدولي يناقش قرارا فرنسيا يدعو لمحاسبة بشار الأسد كمجرم حرب، على انتهاكات ترقى إلى مستوى«الجرائم ضد الإنسانية»، كان الإعلام التابع للنظام السوري يعلن أن وزير إعلام النظام محمد رزوق يستعد للإعلان عن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، والذي لا يمكن قراءته بالشكل إلا ردا من بشار الأسد على مناقشة مجلس الأمن الدولي لمسألة محاكمته على الجرائم المرتكبة. في المسارين تبدو الأمور متشابهة، فمجلس الأمن الدولي وكعادته في مناقشة كل قرار يدين النظام السوري ورأسه سينتهي إلى فيتو روسي يعطل أي قرار صادر، فيما النظام السوري وكعادته أيضا سيمضي بالانتخابات الرئاسية الصورية كما فعل مع الانتخابات المحلية في وقت سابق، وبالتالي سينتج انتخابات وفقا لأهواء مشروع النظام وحلفائه الإقليميين. ما بين المسارين نتيجة واحدة، وهي أن الشعب السوري وثورته باتا كالأيتام على مأدبة اللئام، هم عالقون في سندان العجز الدولي ومطرقة وحشية نظام لا يعترف بقيم وأخلاق، وبالتالي فإن المأساة مستمرة وسيل الدماء لن يتوقف ودموع الأطفال لن تجف، ليس لأن بشار الأسد قادر على إعادة تنصيب نفسه رئيسا بانتخابات مزيفة صورية، بل لأن المجتمع الدولي عاجز عن القيام بواجباته التي ينص عليها ميثاق الأممالمتحدة، والسبب الرئيسي في ذلك أن أصدقاء سوريا وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة وأوروبا هم أصدقاء مترددون، مقابل أن حلفاء النظام وعلى رأسهم روسيا وإيران حلفاء غير مترددين. ... مجلس الأمن مجددا على موعد مع الفيتو الروسي. الفرنسي صاحب القرار الذي يجري نقاشه يعلم ذلك، والأمريكي أيضا، وكل الأعضاء كذلك، هي حفلة براءة ذمة لمن لا ذمة له من دماء شعب يقتل ويغتصب ويهجر كل يوم. قد يستطيع بشار إجراء انتخابات رئاسية صورية، لكنه من المؤكد أنه لن يستطيع حكم سوريا مجددا، فالدولة تقوم على ثلاثية واضحة وهي أرض وشعب وكرامة، والعناصر الثلاثة المذكورة فقدها هذا النظام منذ أن خرج حمزة الخطيب في درعا كاتبا على حائط مدرسته«الشعب يريد إسقاط النظام».