انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة الصيدليات بشكل ملفت للانتباه بأعداد كبيرة في الشوارع والأحياء وبصورة عشوائية، وعند المشاهدة لهذه الظاهرة دارت عدة تساؤلات في فكري حول جدوى ذلك الانتشار ؟ ومدى التزامها بأسعار الدواء؟ ومدى توطين الوظائف فيها؟ والتزامها بشرط المسافة المحددة بين الصيدليات؟ ومدى تقيدها بعدم صرف الأدوية إلا بوصفات طبية؟ وما قناعة وجودها والجدوى الاقتصادية من هذا الانتشار ومن المستفيد منه؟ قبل عامين وصل عدد الصيدليات في المملكة إلى 6373 صيدلية تتركز بشكل كبير في الرياضوجدة ومكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث بلغ عددها في الرياض وحدها قرابة 2000 صيدلية وهو معدل يفوق المعقول، الآن نشاهد انتشارا للصيدليات أكثر بكثير من قبل ومن المؤسف أن 99% من الصيادلة العاملين في القطاع الخاص هم من غير السعوديين وما أخشاه أنهم هم المالكون لها!!. لا نختلف عن الحاجة لوجود صيدليات في بعض الأحياء السكنية تقدم خدماتها على مدار الساعة بما يساهم في تقليل الجهد والعناء للمرضى أو الباحثين عن الدواء، ولست هنا ضد انتشار الصيدليات إذا كانت تحقق خدمة مطلوبة للوطن لكن لابد أن يكون انتشارها مدروسا لا عشوائيا كالحاصل الآن فعددها في الحي الواحد وفي الكثير من الأحيان في الطريق الواحد تتجاوز المعقول، خصوصا إذا ما عرفنا أن عدد سكان الحي لا يستدعي هذا العدد من الصيدليات. إن مؤشر انتشار الصيدليات وبالطريقة العشوائية التي نلاحظها من المؤشرات السالبة التي تهدد اقتصاد البلد وصحة المواطن. فمن العبث أن يكتظ الشارع الواحد بمثل تلك الصيدليات التي لا تبتعد عن بعضها في بعض الأحيان إلا عشرات الامتار، ومن العبث أيضا أن نرى صيدليتين في عمارة واحدة لا يفصل بينهما سوى محل أو محلين فقط.. وجميعهم يشتركون بتقديم نفس الأدوية. كلنا يعلم أن الأسباب الربحية لها دور في توجه رجال الأعمال لهذا القطاع، وهو الأمر الذي أغرى الكثيرين بافتتاح صيدليات جديدة، حتى صار الاستثمار في صحة المواطن من أربح الاستثمارات الأمر الذي جعلها تنتشر بشكل يفوق الحاجة الفعلية لها، فهي لم تعد لبيع الأدوية فقط بل أصبحت أقرب إلى السوبر ماركت ولا تختلف كثيرا عن الدكاكين التجارية في بيع المنتوجات وتوفير السلع الاستهلاكية غير الدوائية، كما لا يتورع معظم أصحابها والعاملين فيها من صرف الأدوية بدون أي وصفة طبية وبل أحيانا يصرف لك دواء لأن سعره أعلى بلا رقيب ولا حسيب والمهم عندهم هو الربح. إن انشتار الصيدليات بهذه الطريقة يعني زيادة العمالة غير السعودية وهذا الأمر يستوجب وضع نظام صارم يحدد المسافة بين الصيدليات، والأخذ بالاشتراطات المعمول بها في أكثر دول العالم والخاصة بفتح الصيدليات حيث تخضع لعدة معايير من أهمها التحقق من مدى الحاجة للصيدلية ونوعية المعروض فيها ومستويات الأسعار، والكثافة السكانية التي تحدد أن لكل 4 الآف نسمة صيدلية واحدة بحسب معايير منظمة الصحة العالمية. كما ينبغي التوجه إلى سعودة العاملين في جميع الصيدليات التابعة للقطاعين العام والخاص في ظل تزايد عدد الخريجين من كليات الصيدلة بحيث تساهم في القضاء على نسب من البطالة ودعم الكثير من الشباب العاطل عن العمل، وذلك من خلال سن تشريعات تلزم الصيدليات بنسبة «سعودة» معينة، أو بشرط أن يكون المالك صيدليا أو العامل فيها صيدليا سعوديا لما من شأنه إحلال السعوديين في هذا القطاع المهم، عنها سوف نرى صيدليات وفق الحاجة فقط .. ودمتم سالمين.