تسع سنوات مرت على إنشاء برنامج الأمان الأسري، بوصفه برنامجا وطنيا يهدف لحماية الأسرة من العنف... تسع سنوات ولم يسمع معظم أبناء الشعب والمواطنين عن هذا البرنامج أو فكرته أو رؤيته وأهدافه وطرق الإفادة منه! شاهدت كما شاهد الكثير غيري فيلم الفيديو القصير الذي أعده وأداه الأستاذ سلمان الخالدي بعنوان (116111)، والفيلم في فكرته ورسالته يعد رائعا جدا، وهو جهد مشكور للأستاذ الخالدي والمؤسسة التي أنتجته. ولست أدري ما علاقته الرسمية ببرنامج الأمان الأسري أو خط مساندة الطفل، لكنه حقق لهذا البرنامج انتشارا أكبر مما حققه البرنامج خلال سنواته التسع الماضية. الإحصائية القديمة التي ظهرت قبل عدة سنوات تشير إلى أن نسبة التحرش الجنسي بالأطفال في المملكة تتراوح بين 22 و28%، أي أن طفلا بين كل أربعة أطفال سعوديين يتعرض للتحرش الجنسي بأنواعه ودرجاته المختلفة! وأن العمر الأكثر تعرضا لهذا التحرش هو بين السادسة والعاشرة!! النسبة فظيعة جدا، والخطر معلوم ومفهوم لدى معظم المربين والأسر وأولياء الأمور، والقضية قد استغرقت حبرا كثيرا تستحقه وتستحق أكثر منه. لكنها تستحق خطوات لا تقف عند مجرد فعل الكتابة والتوعية والحملات عبر هاشتاقات تويتر فقط، الأمر يحتاج لحماية واقعية بخطوات عملية للأطفال من التحرش الذي لا يأتي من الشارع والمدرسة وحسب، بل يأتي من محيط الأسرة في معظم الحالات!! 116111 هذا الرقم الطويل يسمى خط مساندة الطفل، لماذا هي مساندة فقط وليست حماية كاملة للطفولة؟ إنه خط كما يبدو للفضفضة وشرح الحالات أكثر منه رقما للشكوى والاستنجاد وطلب الغوث العاجل! بدليل طوله الذي يحتاج إلى ورقة وقلم لحفظه، وذاكرة حاضرة بتركيز لتذكره واستحضاره ساعة الحادث لا قدر الله! إنه رقم أشبه بتعجيز لطفل دون العاشرة يطلب منه أن يتذكره في حال تعرض لتحرش أو اعتداء جنسي!! وما يؤكد أنه خط للاستماع والفضفضة النفسية، وليس للإنقاذ والحماية، هو أنك حين تتصل بهذا الرقم، فإنك تسمع رسالة مسجلة تقول لك «أهلا بك في خط مساندة الطفل. إن أوقات العمل لخط مساندة الطفل هي من التاسعة صباحا وحتى التاسعة مساء من يوم الأحد إلى الخميس. يسعدنا في خط مساندة الطفل أن نستمع إليك، نأمل ألا تتردد في الاتصال بنا. شكرا لاتصالك» الكلام واضح «يسعدنا أن نستمع إليك»! إن معنى هذه الرسالة أن هذا الخط يظل معطلا عن العمل أكثر من نصف أيام السنة، إذ هو يعمل اثنتي عشرة ساعة فقط ويدخل في إجازة كاملة يوم الجمعة، وعلى أي طفل يتعرض للتحرش أو الاعتداء أو الإيذاء أيا كان نوعه ألا يتصل يوم الجمعة، ولا قبل التاسعة ولا بعدها في بقية الأيام!!