لا أعتقد أن أحدا سوف يعطي سمو ولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز إجابة على ما طلبه حين قال: «عطني بنكا واحدا تبرع بأي شيء أو تبنى أي شيء». وليس لنا أن نعتبر ما تقدمه البنوك من فتات تبرعا أو عطاء يحقق ما ينبغي عليها القيام به من خدمة اجتماعية ودور تنموي، ذلك أن ذلك الفتات لا يمكن له أن يشكل أي نسبة مقارنة بما تحققه من أرباح في كل عملية تقوم بها وحساب تفتتحه وقرض تقدمه، حتى جاز لسمو الأمير مقرن أن يقول: «أنا أشبه البنوك بالمنشار طالع ياكل نازل ياكل»، كما أن ذلك الفتات من الخدمات الذي تقدمه البنوك لا يمثل رغبتها في المشاركة في عمليات التنمية بقدر ما يهدف للترويج لأعمالها وتحقيق مزيد من الأرباح لها فهو أدخل في بند التسويق منه في عمليات الدعم والتبرع. وإذا ما عرفنا أن بنوك العالم التي تعرف دورها وواجبها تجاه شعوبها وأوطانها لا تتوانى في القيام بتبني المشاريع الكبيرة ودعمها، من إنشاء للطرق، وتأسيس لدور الرعاية، وبناء للجسور، وفتح للجامعات، ونظرنا حولنا فلم نجد غير نزر يسير من ذلك تقدمه بنوكنا، لم يكن لنا إلا أن نتفق مع سمو الأمير مقرن بن عبدالعزيز حين قال: «باعتقادي أن البنوك العاملة في السعودية مقلة في أشياء كثيرة، كما أن البنوك مقلة في عطائها مقابل ما تستفيد منه من المواطن ومن الدولة». بنوكنا تحظى بأرباح لا تحظى بها بنوك العالم، ولا يعود ذلك لعدم خضوعها لنظام ضريبي تخضع له البنوك في العالم فحسب، وإنما لتعفف كثير من المواطنين عن تحصيل أرباحهم عما يودعونه لديها من أموال لاشتباههم بالربا في تحصيلهم لتلك النسب المقررة سلفا للربح من وراء ودائعهم في البنوك. إن على البنوك دورا وطنيا وواجبا اجتماعيا، ولعل كلمات سمو ولي ولي العهد أن تنبههم لهذا الدور، قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة أنظمة كتلك التي تواجهها البنوك العالمية تحملهم على القيام بما ينبغي عليهم القيام به كرها، بعد أن تراخوا عن القيام به طوعا.