قررت أثناء تجولي في معرض الرياض الدولي للكتاب لهذا العام أن أعرج على منصات التوقيع للكتب، هذه الممارسة والتقليد السنوي الرائع وإن كنا قد تجاوزنا الطقوس المعتادة لمثل هذه التواقيع في الكتب العربية أو العالمية، فالخصوصية السعودية حاضرة وبقوة بصرف النظر عن أن هذا التجمع ثقافي فكري فما زالت نظرات الريبة والشك تحاصر الجميع، كما أن زيادة أعداد الكتب الموقعة تدعو للعجب فماهي المعايير التي تفرضها لجنة إدارة المعرض للسماح بتوقيع كتاب؟، بمعنى هل إصدار كتاب هو مبرر لتوقيعه؟ دعونا نعترف أن ليس كل كتاب صالح للطباعة هو بالتالي مناسب ليتصدر منصة التوقيع! فهناك إصدارات تود لو أن تنصح كاتبها أو كاتبتها أن تجد مكانا آخر لإبراز المواهب غير فعل الكتابة!! فالكتابة السهلة مع هذا الاحتفاء السنوي بالكتاب جعل الكل يجد الطريق ممهداً لمن لا طريق له! ومن منصات التوقيع إلى البرنامج الثقافي الذي أثبت وبامتياز نجاحه من خلال جرأة الطرح للمواضيع وإشراك المسرح لأول مرة والورش التي لاقت حضورا واعيا ومتميزا، فقد أثبتت الوزارة ممثلة بوكالتها للشؤون الثقافية أن ما ينتجه المثقفون هو ما يصبح فعلا ثقافيا أمامهم، ولكن ما يؤخذ على الوكالة هي حالات التردد وعدم الحسم أمام من يريد أن نسمع ونرى ما يريده هو! بدون الاعتبار أن المثقف هو حجر الزاوية في فعل التطوير ونقطة أمان المجتمع فكرياً، فليس من المنطق أن نعبر بتجربة شعرية رائدة للدكتورة فوزية أبو خالد مثلاً بأمسية شعرية فقط بعيدة جداً عن التفاعل وفي توجس وخوف، هذا لا يليق بمعرض دولي حضوره عربي وأجنبي يعلمون تماماً أننا قادة المرحلة الحاليين. في هذا العام شكلت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نقطة نظام رائعة في مواجهة من يريد خلق فوضى وإثبات حضور فقط لعلمهم أن القطار سار وتركهم إلا من نجومية زائفة، فقد مر عليهم زمان كان الوعي المجتمعي مرهونا بنظرتهم هم وتفكيرهم هم، وعندما استيقظوا على معرض للكتاب خارج سياقات فكرهم وتفكيرهم أصابتهم لوثة الجنون للعودة للماضي، ولكنهم غفلوا عن حقيقة أن الماضي لا يعود. معرض الرياض الدولي للكتاب أصبح فعلا ثقافيا عالميا، بدليل اهتمام دور نشر عالمية لحضوره كما هو أيضا حضور ممثلين عن معرض فرانكفورت الدولي وتعبيرهم عن المفاجأة لهذا الزخم الثقافي وعدد الزائرين والزائرت اليومي والذي اضطر المنظمون للمعرض إلى إغلاق بواباته مرتين للازدحام الشديد في ممراته، ألا يليق بمعرض بهذا الحجم أن تخصص له الوزارة مكانا دائما بمساحات واسعة وصالات سينما ومسرح وأماكن ترفيه ويصبح مزارا عالميا يلحق به متاحف وصالات للفنون التشكيلية، ويكون الدخول إليه برسوم رمزية، فالمكان الحالي أصبح أصغر من احتواء حضور ثقافي عالمي بحجم معرض الرياض الدولي للكتاب. طوال عشرة أيام كان هناك رجال مخلصون عملوا على صناعة هذا الفرح الثقافي الكبير، رجال وطنيون بامتياز، رجال ونساء كانت وما زالت السعودية في قلوبهم وبين أعينهم إنهم رجال وكالة الوزارة للشؤون الثقافية ممثلة بإدارة معرض الرياض الدولي للكتاب، هؤلاء وإن كان العتب عليهم كبير ولكن العتب على قدر المحبة! فشكرا لهم بحجم نجاح معرض الرياض الدولي للكتاب 2014م.