إذا كان من واجب القضاء احترام رغبة الزوجة في الانفصال عن زوجها ومنحها حق الخلع الذي أقره الشرع لها إذا ما فشلت محاولات الإصلاح بينها وبين زوجها، فإن ذلك يعني أنه ليس من حق القضاء إعادة تلك الزوجة إلى بيت الزوجية بالقوة الجبرية إذا ما كرهت البقاء في ذلك البيت، ذلك هو المنطق الذي يتحتم الأخذ به، فإذا كان من حقها أن تبلغ بالعلاقة بينها وبين زوجها حد الانفصال فإن ما هو دون هذا الحق أولى بالأخذ به، أي حق عدم عودتها مكرهة لبيت هجرته، وليس على الزوج بعد ذلك إلا الأخذ بأحد خيارات ثلاثة: الصبر عليها حتى تعود مختارة أو تطليقها وحسبه أنها رفضت الإقامة معه في بيته أو اللجوء إلى القضاء الذي عليه أن يخيرها بين أمرين العودة إلى بيت زوجها راغبة وليست مكرهة أو اعتبار رفضها العودة طلبا لفسخ عقد الزواج وإلزامها بإعادة المهر للزوج. ذلك هو الحق الذي ينبغي أن يحفظ للزوجة ويحفظ لها حريتها التي كانت غاية المصادرة لها أن يحكم القضاء بعودتها إلى بيت زوجها بالقوة الجبرية، وهذا هو ما يجعلنا نعتبر أن القرار الصادر من وزارة العدل والذي يوجه بوقف تنفيذ أو على نحو أدق «عدم تنفيذ إعادة الزوجة إلى بيت الزوجية بالقوة الجبرية» خطوة متطورة في إصلاح القضاء أو ما يتعلق بالقضايا الأسرية من أحكام. وقد كان الأولى أن يكون التوجيه يقضي بعدم الحكم بإعادة الزوجة إلى بيت الزوجية بالقوة الجبرية وليس عدم تنفيذ الحكم، لأن عدم التنفيذ سواء بالقوة الجبرية من قبل الجهات التنفيذية أو بالقوة الناعمة من قبل المجتمع المتمثل في الزوج وأهل الزوجة يعني تعطيل حكم قضائي، بينما التوجيه بعدم إصدار حكم يجبر الزوجة على العودة إلى بيت زوجها مكرهة يعني احترام القضاء لحرية الزوجة ومنحها الحق فيما هو دون الفسخ ما دام الشرع قد منحها الحق في فسخ عقد الزواج.