أكد عدد من المشاركين في منتدى جدة الاقتصادي أهمية دور المنتدى في دعم الموارد البشرية الوطنية. وقالوا ل «عكاظ» إن هناك حاجة ماسة لإيجاد ثقافة حب العمل لدمج الشباب في العملة الاقتصادية. واستعرض عدد من ضيوف منتدى جدة الاقتصادي في نسخته الرابعة عشرة أهمية الموارد البشرية، وتحسين بيئة العمل، وهما من المواضيع التي ستتم مناقشتها خلال جلسات المنتدى اليوم وغدا. وأشاروا في الوقت ذاته إلى أهمية التركيز على الاستثمار في المواطن، سواء كان صاحب عمل، أو باحثا عن عمل، باعتبار أنهما عنصران يمثل تكاملهما دعامة حقيقية للاقتصاد الوطني. وحول إمكانية الاستفادة من محاور المنتدى فيما يدعم الاقتصاد المحلي، أوضح رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة المدينةالمنورة الدكتور محمد الخطراوي أن أهمية عنوان المنتدى تنطلق من كونها تواجه عدة أمور على المستوى العام، وعلى الصعيد المحلي بشكل خاص، خاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية وبيئة العمل. وأشار إلى أن الفكرة التي تدور عن اقتصادنا المحلي، تشير إلى ما أسماه ب «الاقتصاد الريعي» باعتبار أن مساهمة المواطن في الناتج المحلي الإجمالي ضئيلة جدا، موضحا أن عدم استمرار الاستعانة بالعنصر الوطني سيكلف الدولة كثيرا، وهذا ما يجعل الاقتصاد الوطني أمام تحد حقيقي في هذا الإطار. وقال: إذا أردنا صناعة تنمية اقتصادية فلابد من أن تكون بأيدي أبناء الوطن، وليس من خلال الاعتماد على العناصر الوافدة، باعتبار أن ذلك يعد خسارة كبيرة يجب تداركها؛ لأن مشاركة العنصر المحلي تحل الكثير من المشاكل، وتسهم بشكل مباشر وغير مباشر في تحسين الدخل الوطني. وأضاف: هناك حاجة ماسة إلى إيجاد ثقافة حب العمل حتى يصبح بالإمكان دمج الشباب في الاقتصاد لأن الكثير يبحثون عن الناتج، ولا يكون بحثهم منحصرا على الأداء والعمل. المستشار السابق لمجلس الاقتصاد الأعلى الدكتور الخطراوي، أكد على وجود تحامل على القطاع الخاص يتمثل في تحميله مسؤولية بطء الاستثمار في الموارد البشرية، مشيرا إلى أن معظم الأسباب يتحملها أطراف كثيرة مسؤولة عن نوعية المخرجات. وطالب بأهمية مراجعة بعض قرارات وزارة العمل المتعلقة ببعض القطاعات الحيوية حتى يكون السوق المحلي جاذبا للاستثمار وإيجاد الموازنة والتنسيق بين جهات التدريب. وقال لابد من خلق انسجام بين صاحب العمل والباحث عن العمل كونهما من أبناء الوطن، وباعتبار أن كليهما سيسهم في الناتج المحلي وسيعزز الاقتصاد الوطني. تكاملية العمل وحول أهمية المنتدى أوضح نائب رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة جدة زياد البسام أن الموارد البشرية تعد واحدة من أهم الأسس التي يمكن الارتكاز عليها في دعم الاقتصاديات المتنوعة، مؤكدا أن ذلك يتم من خلال الشقين الحكومي والخاص. ودعا إلى أهمية إيجاد تكاملية بين الجانبين لدعم قطاع التوظيف الذي يعد واحدا من أهم المؤشرات التي تعكس القوة الحقيقية لأي اقتصاد، وقال: عندما يتم التركيز على إيجاد المسببات الحقيقية التي تساعد على ازدهار قطاع الأعمال فإن ذلك يصنع تلقائيا المزيد من الفرص الوظيفية الممكن إشغالها بالباحثين عن عمل من المواطنين. وأضاف: من المهم حماية قطاع الأعمال من أي مؤثرات أو بيروقراطيات قد تسهم في تأخير أو تقليص إنتاجيته الحقيقية لأن ذلك يؤدي إلى نتائج سلبية معروفة، ومع استمرارية المعوقات تحدث المزيد من التراكمات المؤدية فيما بعد إلى انخفاض حجم التأثير على النواتج الاقتصادية. أهمية النقل وعن دور قطاع النقل، أوضح نائب رئيس مجلس إدارة غرفة جدة مازن بترجي أن النقل يعد واحدا من أهم الأدوات التي تساعد على توسيع النطاق الوظيفي، مشيرا إلى أن اكتمال المشاريع التي يجري العمل عليها سينجم عنها المزيد من الفرص الوظيفية. وأضاف: لعل أبرز المستفيدين من اكتمال تلك المشاريع في خلق الفرص الوظيفية هي المناطق الريفية البعيدة عن المحافظات والمدن لأن صاحب الاستثمار يبحث عن المواقع التي لا تكون مكلفة في أسعارها، وهذا التوجه سيسهم في مساعدة الساكنين بالمواقع المجاورة على الانخراط في الوظائف الناجمة عن ذلك الاستثمار. ومضى: أن استثمارات مثل هذه عندما تبدأ في الانتشار نتيجة ضمان المستثمرين في وصول منتجاتهم إلى الأسواق المحلية من خلال شبكة نقل مكتملة ستؤدي فيما بعد إلى الوصول إلى نتيجة استراتيجية تتمثل في منع الهجرة من الأطراف ويساهم في تنمية تلك المواقع، وهذا ما يقودنا في النتيجة العامة إلى أن الاقتصاد منظومة متكاملة. صعوبات وتحديات وعن الآثار المستقبلية لإدارة الموارد البشرية أكد عضو اللجنة التجارية الوطنية الدكتور واصف كابلي على أهمية معرفة هوية الممارسات التي تنفذ في إدارة الموارد البشرية بالوطن العربي، مشيرا في الوقت ذاته إلى ضرورة التعرف على كافة الصعوبات والتحديات التي تضطر بمنشأة العمل أن تواجهها في إدارة مواردها البشرية مع التركيز على الآليات الجديدة للتعامل مع الموارد البشرية. وأشار إلى أنه من المهم تحديد النمطية المستقبلية لإدارة الموارد البشرية عربيا على المستويين الحكومي والخاص، وقال: إن الموارد البشرية تشهد تطورا في مفاهيم الاستثمار من خلال تجاوزها فكرة التعامل مع الأفراد حتى وصلت إلى فكرة التعامل مع رأس المال البشري، ومنه إلى الفكري ثم المعرفي الأمر الذي أعطى أهمية لتنظيم وأداء وظائف إدارة الموارد البشرية لتحقيق الكفاءة والفعالية، وخفض الكلفة مع الاحتفاظ بقوة الجودة. وأضاف: أن بيئة العمل الجاذبة يسود فيها التفكير الإيجابي، وتعزيز السلوك المنتج، والعمل بروح الفريق، وهذه البيئة هي مسؤولية المنظمة والفرد، والرئيس والمرؤوس، ويحرص جميع أفرادها على إسعاد الجميع، فلا يستطيع المدير أن يطلب من رئيس القسم أن يعامل موظفيه باحترام وهو لا يفعل ذلك. الدكتور كابلي تطرق إلى أهمية مقومات بيئة العمل الجاذبة، وتحقيق المصالح الفردية للموظف: المعنوية، والمادية، والاجتماعية، والثقافية المساعدة على الإبداع في العمل، وتطوير المهارات، والقدرات الفردية للموظف، بالإضافة إلى اتساق نظام العمل للوضع الاجتماعي للموظف كفترات المناوبة المناسبة لأوقات واحتياجات الأسرة. قيم ومقومات من ناحيته ركز عضو اللجنة الوطنية للتخليص الجمركي المستشار إبراهيم العقيلي على أنه في أي بيئة عمل تكون هناك مقومات وأساسيات تشكل في مجموعها منظومة تساعد على تحقيق الرضا الوظيفي، مع الأخذ في الاعتبار أن البيئة الجاذبة لموظف معين قد لا تكون جاذبة لموظف آخر، معتبرا أن ذلك يعود إلى وجود أساسيات مشتركة وضرورية رغم اختلاف الفروق الفردية. وشدد على ضرورة وجود رؤية واضحة للمنظمة، وقال: لابد من وجود تنظيم يحكم العلاقات التنظيمية، والاتصالات، ومسار الإجراءات، وتوجد خطط عمل واضحة المعالم، ويشارك في إجراءات التخطيط والتنفيذ، لأن المقومات البشرية لا حصر لها، ومن أهمها وجود القيمة المهنية والأخلاقية التي تشكل فيما بعد ثقافة المنظمة، وتنعكس على سلوك الرؤساء والمرؤوسين. ومضى يقول: بيئة العمل الإيجابية تعمل على رفع مستوى الرضا الوظيفي، وتحسين مستوى الكفاءة بما يؤثر إيجابا على الأداء، ويجعل البيئة الجاذبة مصدرا أساسيا لاستقطاب الكفاءات والخبرات في سوق العمل والاحتفاظ بها، خاصة في ظل المنافسة الشديدة بين المنظمات. وتناول خلال حديثه وجود فوارق في القيمة والمقومات، وقال: إن القيم المستخدمة في تنمية رأس المال البشري تتطلب الحديث عن موضوع العدالة، والجودة، والنزاهة، والعمل الجماعي، والشفافية والتطوير المستمر. أما المقومات فلا بد أن تكون الحقوق والواجبات فيها واضحة ومعروفة بين العامل والمشغل في إطار من اللوائح والأنظمة التي تعبر عن عمل مؤسسي لا مجال فيه للاجتهاد أو المحسوبية. العقيلي الذي يرأس لجنة المخلصين الجمركيين في غرفة جدة، دعا إلى بذل المزيد في ملف الموارد البشرية من خلال وضع قياس للإنتاج النوعي والكمي، والاستمرار في عقد ورش عمل متخصصة بهدف تجنب السلبيات ومعالجتها. بيئة العمل في المقابل اعتبر نائب رئيس لجنة التعليم الأهلي في غرفة تجارة وصناعة جدة الدكتور دخيل الله الصريصري، أن الضروريات في بيئة العمل تكمن في عدة أمور أبرزها القائد الإداري، وبيئة العمل الجاذبة، إذ يرى أن اختيار القائد الإداري يجب أن يكون بناء على معايير متفق عليها. وقال: لابد من توفر التأهيل المناسب، والخبرة الكافية، والكفاءة، والفاعلية التي تجعل من بيئة العمل بيئة جاذبة من خلال تواجد القائد ومتابعته لأعمال المنظمة، وبث الحماس في المرؤوسين لكي يقدموا ما لديهم من طاقات، سواء من خلال الأعمال التي يقومون بها أو من خلال مشاركتهم بالآراء والأفكار المؤدية إلى تحفيزهم لبذل كل ما لديهم من أجل خدمة المنظمة. وقال في أغلب الدول النامية يتم اختيار القادة الإداريين بناء على العلاقات الشخصية رغم أن الاختيار قد لا يكون مناسبا، فيعتبر هذا من أهم مقومات التنفير في المنظمة، ومن ثم تصبح بيئة غير صحية وطاردة للكفاءات، القادرة على الرقي في المنظمة وتميزها من ناحية الأداء الفردي، والإنتاجية الإجمالية للمنظمة باعتبار أن المشاركة الفعلية مفقودة، والتحفيز غير موجود، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي فيما بعد إلى عدم الالتزام بأوقات الدوام الرسمي، والبطء في الأداء، ومقاومة التغيير الذي يكون ضروريا لتطوير العاملين والأعمال في موقع العمل، وقال: بينما تكون الأمور معاكسة إذا تم تطبيق معايير التأهيل بشكل أفضل عندها تصبح بيئة العمل أكثر جاذبية، لذلك من المهم أن تكون التنمية الإدارية الحقيقية في وضع المعايير الصحيحة لاختيار القادة الإداريين وتطبيقها في الواقع العملي لكي يتضح لجميع العاملين أن الكفاءة هي التي تسود. الدكتور الصريصري أكد على أن بيئة العمل أحدثت الكثير من التحسن في ظل استشعار المسؤولين بأهمية إخضاع العاملين إلى المزيد من التدريب والتطوير، وتنفيذ أعمال تحفيزية من الناحيتين المادية والمعنوية. اجتذاب الكفاءات من جهته شدد رئيس لجنة النقل الوطنية في مجلس الغرف السعودية المهندس طارق المرزوقي على ضرورة الاعتناء بالطاقات البشرية، ومبادئ التفوق، وإتقان العمل، والإبداع فيه. وقال: إن الحديث عن بيئة العمل لا يقتصر فقط على الجوانب المادية، فهي بالرغم من أهميتها في جذب القوى العاملة إلا أن هناك جوانب أخرى لا يمكن تخطيها مثل: توفير لائحة مشجعة على العطاء والبذل والإبداع، وفي المقابل تقديم الحوافز بما يضمن اكتساب ولاء العاملين ويبقيهم في المنشأة أطول فترة ممكنة. وأضاف: توفير بيئة عمل محفزة للأداء الفاعل والإنتاجية بات مهما للغاية من أجل دعم مستوى الإنتاج والخدمات في ظل تنامي معدلات التنافس وبخاصة في القطاع الخاص الذي يتسابق على اجتذاب الكفاءات ومساعدتها على استقطاب الكوادر المؤهلة.