جاءت زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى سلطنة عمان، يوم الأربعاء 11/5/1435ه (12/3/2014م)، ولمدة يومين، بعد انتكاسة العلاقات بين قطر وكل من المملكة والإمارات والبحرين، وما تبع ذلك من انعكاسات على سلامة مجلس التعاون ووحدة أعضائه. كان ذلك بسبب تدخلات قطر بشؤون دول المجلس ودعمها للجهود الرامية لزعزعة الأمن والاستقرار فيها. وكما صرح مسؤولون إيرانيون، فإن الزيارة في الظروف الراهنة تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين سلطنة عمانوإيران، ولتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وفي الحقيقة فإن الزيارة تهدف لتحقيق غير ذلك، ومؤشرات ذلك فيما يتبع. فزيارة روحاني قد تهدف لتفكيك مجلس التعاون، بعكس ما أعلن من أن محورها هو التعاون بين البلدين وموضوع التوتر في الخليج، وسعي الطرفين لتبادل وجهات النظر حول ضرورة استتباب الأمن والاستقرار (بمنطقة الخليج ؟). ومما ذكر أيضا أن من بين ما يحمله روحاني في زيارته من رسائل هي رغبته في تحسين علاقات حكومته مع دول الخليج. وقد عبر عن هذه الرغبة مرارا منذ توليه رئاسة إيران. وقد يرغب في توسط سلطنة عمان في ذلك، مثلما توسطت السلطنة بين إيران والغرب، وخاصة الولاياتالمتحدةالأمريكية بهدف التقريب بين الطرفين بما يترجم أنه لصالح إيران. وقبل مغادرته بلاده صرح روحاني بقوله : «إن لهذه الزيارة أهمية كبيرة في التقريب بين إيران والدول الإسلامية، ولاسيما مع الدول الجارة لإيران» (الشرق الأوسط، الخميس 12/5/1435ه 13/3/2014م،ص5). وأكد على أولوية هذا التقارب في ختام زيارته. ولم يقل مع دول الخليج العربية أو الدول الشقيقة في الخليج. وكالعادة لم يذكر على حد علم الكاتب، أن مسؤولا إيرانيا نطق بكلمة الإخوان أو الأشقاء العرب في الخليج. وبلهجة اعترافية وتهديدية قال روحاني، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية: «إن المنطقة لا يمكن أن تنعم بالسلام والاستقرار دون بلاده ..» (الشرق الأوسط، الثلاثاء 10/5/1435ه 11/3/2014م، ص10). هذا الكلام يؤكد اعترافه بحالة عدم السلام والاستقرار في منطقة الخليج، وبنفس الوقت يؤكد تهديده لدول المنطقة إن لم تعتبر أهمية دور إيران في ذلك. والمعروف أن من يعمل على زعزعة السلام والاستقرار في منطقة الخليج هي إيران ومن والاها. إن كان الرئيس الإيراني جادا برغبته في تحسين علاقة بلاده مع دول الخليج العربية، عليه أن يجتاز الاختبار الصعب المتمثل في التالي: 1 إعادة جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى لدولة الإمارات العربية. 2 إعطاء الأحوازيين حقهم في الحرية والاستقلال، ووقف شنق واغتيال وقتل المعارضين الأحوازيين. 3 وقف تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول الخليج العربية ووقف دعم أعمال الإرهاب ودعم قوى الطائفية فيها وفي الدول العربية الأخرى. وما الاتهام المغرض لرئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بأن المملكة تدعم الإرهاب إلا بتنسيق مع حليفته إيران. الواضح أن روحاني سيفشل في اجتياز الاختبار لأنه مثل سلفه الرئيس محمود أحمدي نجاد متشددا تجاه هذه الأمور ولو اختلف معه في الأسلوب في العلاقات الدولية. ومعروف عن الرئيس روحاني، عندما كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، قوله لوفد زائر من مجلس الأمة الكويتي: «الساحل الغربي للخليج من الكويت إلى سلطنة عمان تابع لنا وسيأتي اليوم الذي نأخذه منكم» . كان ضمن الوفد الكويتي الدكتور عبد الله النفيسي الذي روى ذلك في أحد حلقات برنامج حراك على قناة فور شباب. واضح من كلام روحاني أنه وحكومة بلاده يسيران على خطى الدولة الصفوية. وطبقا لما ذكر الدكتور النفيسي في مقابلة أخرى له في برنامج حراك، فإن إسماعيل الصفوي، مؤسس الدولة الصفوية في القرن السادس عشر كتب رسالة إلى ملك البرتغال، مانويل، مقترحا فيها عليه أن هذا وقت أن يتعاونا على غزو مكة والمدينة، فوصلت جيوشهما إلى جدة، لكن ملك البرتغال بلغه أن ملكه في خطر فكتب لإسماعيل الصفوي بتأجيل الغزو فعاد لحماية ملكه (رسالة إسماعيل الصفوي للملك مانويل موجودة في المتحف البريطاني). الخلاصة: إن كلام روحاني عن تحسين العلاقات مع دول الخليج العربية، مثل كلام قادة إيران الآخرين، هو كلام للاستهلاك، أما أهدافهم التي تنوي شرا بالعرب وخاصة عرب الخليج فباقية ولا علاج لها إلا بالاعتماد على الله ثم اتحاد دول الخليج العربية ووحدة كلمتهم، والله تعالى يقول: " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ..» (آل عمران 103). ولو اتفق العرب جميعا على سياسة دفاعية مشتركة، لما طمعت في بلادهم كل من إيران وإسرائيل .. والله أعلم.