بميزانية مليونية، وكتيبة محاضرين من 60 دولة تنتمي إلى قارات العالم الست، وبحضور رؤساء دول سابقين، ورؤساء وزراء ومسؤولين،حاول منتدى جدة الاقتصادي على مدار 14 دورة كاملة أن ينافس منتدى دافوس الاقتصادي العالمي بطروحات تؤصل للاقتصاد العالمي في بداية الألفية الجديدة، ليعود المنتدى إلى أحضان قضايانا المحلية والإقليمية من جديد، ففي إطار الرؤية العامة الموضوعة له، اتضح جليا منذ وقت مبكر أن المنتدى يسعى لأن يأخذ الصبغة العالمية في عام 2000 سواء من خلال القضايا المطروحة أو الأسماء المشاركة في المنتدى. ففي الدورة الأولى كان الضيوف نجوما كبارا وفي صدارتهم جورج بوش الأب، وجون ميجور رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، وجرى في المنتدى الذي عقد تحت عنوان (نمو ثابت في اقتصاد عالمي) مواجهة الكثير من التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي في الألفية الجديدة، ومن أبرزها أزمات الطاقة والتنمية المستدامة والفقر، وفي الدورة الثانية التي عقدت في 2001 تحت عنوان (تنمية موارد الثروة في الاقتصاد العالمي) ، شارك اثنان من نجوم السياسة الكبار هما: هيلموت كول، والرئيس الفرنسي الأسبق فاليرى جيسكار ديستان. أما الدورة الثالثة فجاءت على مايبدو استكمالا لما قبلها بعنوان (الإدارة في بيئة عالمية معقدة) وكان من أبرز المشاركين فيها الوليد بن طلال، وولي عهد البحرين، وفي الدورة الرابعة في 2003 جرى مناقشة قضية «المنافسة العالمية بمنظور عالمي وتطبيق محلي». أما في الدورة الخامسة فشاركت الملكة رانيا العبد الله، والأميرة فيكتوريا، والرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في مناقشة سبل كيفية تحقيق نمو متسارع، وواصل المنتدى طريقه نحو القضايا العالمية من خلال قضايا «تطوير الأفراد لنمو اقتصادي مستدام في 2005 ومن أجل آفاق جديدة للنمو الاقتصادي في 2006» . انتقادات للمنتدى وعلى الرغم من السمعة الجيدة التي حظي بها المنتدى عالميا من خلال التغطية الواسعة لطروحاته، وإن اختلطت بالآراء السياسية لبعض الضيوف في بعض الأحيان إلا أنه واجه الكثير من الانتقادات لعدم تركيزه على القضايا المحلية، وعدم تقديم بعض الضيوف رؤى جيدة تستحق الإشادة، وتكلفة الحضور المرتفعة، حيث واصلت ميزانية المنتدى الارتفاع من خمسة ملايين ريال إلى قرابة 20 مليون ريال يدفعها الرعاة، ولاتتكفل الغرفة التجارية بريال واحد فيها كما يقول رئيس مجلس الإدارة صالح كامل، والواقع أنه عندما يذكر منتدى جدة الاقتصادي فإنه يأتى مقرونا بالكثير من الأسماء اللامعة التي ساهمت في التنظيم والتصدي للانتقادات الموجهة له ومن بين هذه الأسماء: عمرو الدباغ، وعمرو بن حسن عناني، وسامي بحراوي، وعبد العزيز بن صقر الغامدى، وكان من بين الانتقادات التي وجهت إلى المنتدى بعده عن القضايا المحلية، ومن بينها أزمة السيول في 2010، وأزمة سوق الأسهم في عام 2006 ، وكان لهاتين الأزمتين تأثير كبير على المجتمع السعودي، إذ فتحت الأولى واحدة من أكثر الملفات سخونة وهي قضية الفساد. أما القضية الثانية فلازالت الأسر تعاني من تبعاتها رغم مرور سبع سنوات عليها، وسط مخاوف من إمكانية انهيار سوق الأسهم. وكان المنتقدون يتطلعون إلى أن يقدم خبراء العالم رؤيتهم وحلولهم الناجعة لهذه الأزمات في منتدى ضخم يقام سنويا في مدينة جدة. والواقع أن هذة الرؤية النقدية كان لها صدى إذا عاود المنتدى الحنين إلى القضايا المحلية والإقليمية بعد سنوات في أحضان رؤية دافوس العالمية، وكان من نتاج ذلك تصدي المنتدى لقضية التحالفات العالمية والإقليمية في عام 2012، والتجربة الفندلندية في التعليم فضلا عن المبادرات المختلفة للاستفادة من الشباب، وسبل الاستفادة من اقتصاد الغد، وفي العام الماضي كان المنتدى أكثر التصاقا بالواقع المحلي من خلال طرحه لمشكلة الإسكان التي تؤرق المجتمع السعودي ، وفي هذا العام يتصدى المنتدى لقضية الشباب والبطالة في العالم العربي في محاولة لبسط الحلول المناسبة لها.